لك قرب ما بينهما وبين " أن " التي للمفعول من أجله، ولذلك شبهها سيبويه بها في سواد كتابه.
وعجباً للفارسي حيث غاب ذلك عنه وجعلها ظرفاً، ثم تحيل في إيقاع الفعل
الذي هو النفع فيها وسوقه إليها، بما هو مسطور في كتبه، فأغنى ذلك عن ذكره.
وأما إذ إذا كانت منونة فإنها لا تكون إلا مضافاً إليها ما قبلها، لتعتمد على
الظرف المضاف إليها فلا يزول عنها معنى الظرفية، كما زال عن أختها حين نونوها وفصلوها عن الفعل الذي كانت تضاف إليه.
والأصل في هذا أن " إذا و " إذا " في غاية من الإبهام والبعد عن شبه الأسماء، والقرب من الحروف، لعدم الاشتقاق، وقلة حروف اللفظ، وعدم التمكن وغير ذلك، فلولا إضافتها إلى الفعل الذي يبنى للزمان
ويفتقر إلى الظروف، لما عرف فيها معنى الاسم أبداً، إذ لا تدل واحدة منهما على معنى في نفسها إنما جاءت لمعنى في غيرها، ف " إذا " قطعت عن ذلك المعنى تمحض معنى الحرف، إلا أن " إذ " لما ذكرناه من إضافة ما قبلها من الظروف إليها لم يفارقها معنى الاسم.
وليست الإضافة إليها في الحقيقة، ولكن الجملة التي عاقبها التنوين.
وأما " إذن " فلم يكن لها بعد فصلها عن الإضافة ما يعضد معنى الاسمية فيها.
فصارت حرفا لقربها من حروف الشرط في المعنى، ولما صارت حرفاً مختصا
بالفعل مخلصاً له للاستقبال كسائر النواصب للأفعال.
نصبوا الفعل بعده، إذ ليس واقعا موقع الاسم فيستحق الرفع، ولا هو غير واجب فيستحق الجزم، فلم يبق إلا النصب.
ولما لم يكن العمل فيها أصلاً لم تقو قوة أخواتها، فأُلغيت تارة وأعملت
أخرى، وضعفت عن عوامل الأفعال فإن قيل: فهلا فعلوا بها ما فعلوا بـ " إذاً " حين نونوها، وحذفوا الجملة بعدها فيضيفوا إليها ظروف الزمان كما يضيفونها إلى " إذ " في قولك: " حينئذ " " يومئذ "، إذ الإضافة في المعنى إلى الجملة التي عاقبها التنوين؟.
فالجواب: أن " إذ " قد استعملت مضافة إلى الفعل (المستقبل) في المعنى
على وجه الحكاية للحال، كما قال تعالى: (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ)