وأما " لن " فهي عند الخليل مركبة من " لا " و " أن "، ولا يلزمه ما اعترض عليه
سيبويه في تقديم المفعول عليها، لأنه يجوز في المركبات ما لا يجوز في البسائط.
فإذا ثبت ذلك فمعناها نفي الإمكان بـ " أن " كما تقدم.
فكان ينبغي أن تكون جازمة كلم، لأنها حرف نفي مختص بالأفعال، فوجب
أن يكون إعرابه الجزم الذي هو نفي الحركة وانقطاع الصوت، ليتطابق اللفظ والمعنى كما تقدم في باب الإعراب.
وقد فعلت ذلك طائفة من العرب، فجزمت بها حين لحظت هذا الأسلوب وأكثرهم ينصب بها مراعاة لأن المركبة فيها مع لا، إذ هي
من جهة الفعل وأقرب إلى لفظه، فهي أحق بالمراعاة من معنى النفي، فرب نفي لا يجزم الأفعال، وذلك إذا لم يختص بها دون الأسماء، والنفي في هذا الحرف إنما جاءه من قبل " لا "، و " لا " غير عاملة، لعدم استبدالها بالأفعال دون الأسماء، ولذلك كان النصب بها أولى من الجزم.
على أنها قد ضارعت " لم " لتقارب المعنى واللفظ.
حتى قدم عليها معمول فعلها.
فقالوا: " زيداً لن أضرب "، كما قالوا: " زيداً لم أضرب ".
ومن خواصها أنها تخلص الفعل للاستقبال بعد أن كانت صيغته للحال.
فأغنت عن " السين " و " سوف ".
وكذلك جل هذه النواصب تخلص الفعل للاستقبال.
ومن خواصها أنها تنفي ما قرب ولا يمتد معنى النفي فيها كامتداد معنى النفى
في حرف " لا " إذا قلت: " لا يقوم زيد أبداً.