من هذا المنطلق جاءت فكرة هذه الدراسة، وتبلورت أهدافها. ورأى الباحث أن تكون في ستة فصول، يرسم أولها الإطار المنهجي الذي سيسير عليه في المعالجة، ثم تتضمن الفصول الأربعة التالية المعالجات التفصيلية لمحاور الدراسة ومناقشتها. وقد تناول أول هذه الفصول القضاء في الإسلام، وتضمن ستة مباحث فرعية تتناول التطور التاريخي للقضاء، واستقلال القضاء، ومشروعية القضاء، وحكمة القضاء وفضله وحكمه وأركانه وشروطه، ثم أنواع القضاء، وأخيرا الفرق بين القضاء وشبه القضاء والعلاقة بينهما. أما ثاني هذه الفصول الأربعة فناقش قضية الحكم والاجتهاد وطرق الطعن في الأحكام، واشتمل على ثلاثة مباحث فرعية. أما ثالث الفصول الأساسية الأربعة فتناول العلاقة بين القضاء والتربية، واشتمل على ثلاثة مباحث تناول أولها التربية من حيث مفهومها وأهدافها وأسسها وأهميتها ومصادرها ومؤسساتها، وتناول الثاني تطبيق العقوبات القضائية وتكوين الشخصية المسلمة، ثم تناول الثالث المسيرة التربوية في العهد السعودي الثالث. أما آخر الفصول الأربعة فركز على القضاء في الدولة الإسلامية الثالثة وأسسه ودوره في الإصلاح التربوي، واشتمل على خمسة مباحث، تناول أولها الوضع العام في الجزيرة العربية مع مطلع القرن الرابع عشر الهجري، وتناول الثاني القضاء في الدولة السعودية الثالثة، وتناول الثالث قوة الحكم القضائي في المحاكم السعودية، وتناول الرابع دور القضاء السعودي في الإصلاح التربوي، أما آخره فتناول الأسس التطبيقية في القضاء السعودي.
بعد ذلك انتهت الدراسة بفصل ختامي يرصد الحقائق والنتائج الأساسية التي استطاع – بفضل الله وتوفيقه – استخلاصها من تلك المعالجات التفصيلية، وقد بلغت هذه النتائج نحو خمسين نتيجة، تقدم في مجملها المعلومات التي تتكفل بتحقيق أهداف الدراسة.
ثانيا: التوصيات.
في سياق ما تمخض عن الدراسة من نتائج وما استعرضته من مفاهيم وحقائق، يود الباحث أن يطرح عددا من التوصيات على النحو التالي:
التوصية الأولى:
ينبغي للدول العربية والإسلامية التي تتخذ من الإسلام دينا لها أن تفعل الحكم بما أنزل الله، وأن يكون القضاء الشرعي لديها نهجا ومنهجا مع عدم الفصل بين الشريعة الإسلامية والدين لأن تفعيل الحكم بما أنزل الله يعني القضاء على عبودية البشر التي تحرص على صياغة التشريع الوضعي وفق هواها ورغبتها وتحقيق مصالحها، وتفعيل الحكم الشرعي، يعني القضاء على جاهلية القرن الواحد والعشرين، عقيدة وفكرا ونظاما، وعلمانيته، وصهيونيته وغربيته.
ويعني تربية الإنسان الصالح الذي يحقق للإنسانية مثلها، وقيمها، وأخوتها، بعيدا عن التمييز العنصري، والتفاوت الطبقي، والاستعمار الدولي، والاضطهاد الفردي والطائفي، الاستغلال المادي، ويعني أيضا، تنمية الوازع الديني عند المعلم والمحامي، والطبيب، والمهندس، والمدير، والموظف، والعامل، ورب العمل، والتاجر، والأب، والأم، والطالب، والأخ، والجار.
وهو يعني قبل ذلك وبعده الرضا بدين الله الذي ارتضاه للعالم أجمع، والذي دونه لن يتحقق السلام العالمي ولا الأمن القضائي، والتربوي، والمعيشي، والاستقراري وجميع مناشط حياة الإنسان إلا بتطبيقه.
التوصية الثانية: