¤صبحي بن يحيى الحارثي£بدون¥مركز الملك فيصل - الرياض¨بدون¢1427هـ€تربية وتعليم¶دراسات إسلامية
الخاتمة
القضاء والتربية قطبان أساسيان يعول عليهما إصلاح أي مجتمع وصلاحه، ويؤمل منهما تحقق أمنه واستقراره، وتبنى على قوتهما آفاق رقيه وعلو شأنه، وتستمد من متانتهما روافد تقدمه وتحضره. بين هذين القطبين المهمين – القضاء من ناحية والتربية من ناحية أخرى – دارت رحا هذه العملية المعالجة العلمية التي لم تكتف بمعالجة أي منهما معالجة مستقلة، بل كان محور اهتمامها ومرتكزها هو الربط بين هذين القطبين من أجل استثمار إمكاناتهما في هدف أسمى تاقت له كل المجتمعات في قديمها، وازداد توقها له في حاضرها، وخصوصا في ظل ما يحاط بالمجتمعات كافة من مستجدات، وما فرضته من تحديات طالت آثارها السلبية ثوابت كل المجتمعات وهددت قيمها وأخلاقها، ذلك الهدف الأسمى هو الإصلاح التربوي. ولم لا والقضاء هو ميزان العدل الذي ما إن توفر في مجتمع تحقق له الأمن والأمان، وعمه الاستقرار، ونعم أفراده بالراحة النفسية، إذ حميت أموالهم وأنفسهم وأعراضهم وحفظت حقوقهم. كما أن التربية هي الوسيلة الأساسية لتشكيل الفرد تشكيلا جسميا ونفسيا ووجدانيا وفكريا وخلقيا، ومحاولة تزكية النفوس وتهذيبها وإصلاحها؛ لأن الفرد هو نواة المجتمع، وعندما تزكو نفوس الأفراد وتتهذب أخلاقهم وتنصلح سلوكياتهم، ينعم المجتمع بأمنه وأمانه، وتزدهر جنباته ويرتقي شأنه، ويسمو قدره. ولطالما كان الإنسان هو القاسم المشترك لاهتمام كلا القطبين، فإن ملتقاهما سيكون إذا عند الهدف الأسمى المنشود، ومع ذلك القدر المهم لهذين القطبين، فإن النقطة الجديرة بالإشارة في هذا الصدد أن هذه الدراسة لم تتجه لمعالجة القضاء على إطلاقه، بل جعلت مرتكزها على القضاء الشرعي المستمد قواعده وأسسه من الشريعة الإسلامية، كما لم تتجه لمعالجة التربية كمفهوم وفلسفة تؤمن بها كل المجتمعات، ودعوة ينادي بها كل دعاة الإصلاح، بل على التربية الإسلامية التي هي إحدى رسالات الدين الإسلامي، ذلك كله من أجل أن تكون هذه الدراسة موجهة لخدمة المجتمع الإسلامي من ناحية، بل ويطمح أن يكون فيما تقدمه من حقائق دعوة للتعريف بحقيقة القضاء الإسلامي ورسالته، وكيف أنه كفيل بالتصدي لنزعات الإجرام وطغيان المجرمين، وبإصلاح المجتمعات والعمل على تحقيق أمنها واستقرارها.