¤ياسين سويد£بدون¥المركز العربي للأبحاث والتوثيق¨الأولى¢1992م€سياسة عالمية¶الإسلام - مطاعن وغزو فكري وشبهات ومكايد دولية
الخاتمة
كم كنت أتمنَّى أن أختم كتابي هذا بصورة مشرقة تبعث في نفس القارئ العربي التفاؤل والأمل بمستقبل مضيء، لولا أن الواقع العربي المظلم والبائس فرض عليّ عكس ما تمنّيت. وسيظل هذا الواقع قائماً إلى أن يكتب لهذه الأمّة أن تحظى بقدر من الوعي والإدراك يدفعانها إلى التأمّل العميق في أوضاعها، ويحثَّانها على السعي الدؤوب لتدارك المأساة الكبرى التي تكاد تلمّ بها إن هي استمرَّت في واقع التشرذم والتمزّق اللذين تتخبَّط فيهما، وإن لم تسارع إلى لملمة أشلائها واستعادة كيانه الموحّد، وذلك هو السبيل الوحيد لتدارك الخطر المحدِّق بها.
إن أمّتنا العربية في خطر كبير لم تتعرَّض له منذ قرون، ويتجلَّى هذا الخطر في مؤامرة مزدوجة الإطار:
ـ الإطار الاستعماري الذي تجسِّده أطماع الدول الغربية الاستعمارية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، بخيراتها وثرواتها. ولذلك، فهي تسعى لمنع اجتماعها ووحدتها بكل الوسائل، لأنها تدرك، تمام الإدراك، أن في وحدة العرب قضاء على الاستعمار بكل أشكاله، واستعادة لدورهم التاريخي المشرق في العالم.
ـ والإطار العنصري الذي يتجسّد في الكيان الصهيوني الذي أقامه الاستعمار الغربي في قلب وطننا العربي، ولا يزال يرفده بالدم والعون والدعم لكي يبقى ذلك "الحاجز البشري القوي والمعادي للسكَّان"، الذي يفصل بين مشرق الوطن العربي ومغربه، والذي يمنع وحدته وتقدّمه وازدهاره.
ذلك هو الخطر الكبير المحدّق بأمّتنا، وهو خطر لا بدّ وأن يكون مدمِّراً إن لم نتداركه بالوعي القومي، وبالعزم والإرادة والتضحية، فننتصر على أنانيتنا وإقليميتنا وكيانيتنا، ونحقِّق لهذه الأمّة، وللأجيال القادمة، ما تصبو إليه من عزّة ومنعة وقوّة، السبيل الوحيد إلى حياة كريمة زاخرة بالمجد والعطاء. ولن يكون ذلك ممكناً إن لم نحقِّق، أولاً وقبل كل شيء، ما افتقدناه منذ زمن طويل، وما كان افتقارنا إليه سبب كل هزائمنا وضعفنا، ألا وهو: وحدتنا القومية.
فهل نحن مؤمنون، حقاً، أنها العلاج والحل؟
وهل نحن عاملون لأجلها؟ وساعون لتحقيقها؟
وهل تكون الهزائم التي ألَّمت بنا، طيلة قرون، حافزاً لنا على طلبها والسعي، بجد، إليها، باعتبارها، وحدها، خشبة الخلاص؟
لعلّنا نتّعظ، فنتّحد، فننتصر!
بيروت في 27 شباط/ فبراير 1992