المغرب وبريطانيا العظمى في القرن التاسع عشر (1856 - 1886)

¤خالد بن الصغير£بدون منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية - الرباط¨بدون¢1997م€سياسة عالمية¶مغرب عربي

الخاتمة

كان رفض المخزن في مرحلة أولى تجديد بنود معاهدة 1856م على انفراد مع بريطانيا، ورفضه الثاني لإبرام معاهدة جديدة مع الدول الأوربية الثلاث، إيذاناً بالفشل الذريع الذي منيت به السياسة التي نهجتها بريطانيا على يد نائبها دراموند هاي في المغرب مدة ناهزت نصف قرن، وكانت خيبة أمل دراموند هاي كبيرة، إذ كانت تحدُوه رغبة أكيدة في إنهاء مهامه في المغرب بتوقيع معاهدة تجارية جديدة لفائدة بلاده، وأشارت الصحف الصادرة في طنجة إلى أن " ( ... ) المحبة التي كانت بين الدولة الشريفة دولة الإنجليز تبدلت حيث لم يبق في خدمة الجناب الشريف المهندس سيلبة وقائد الطبجية بطنجة، وأبدل الرئيس الإنجليزي الذي كان بالبابور برايس من البلجيك ( ... ) " (?). ومن جهة أخرى، فإن المخزن رفض استغلال معدن بلاد الأنجرة على يد القبطان الإنجليزي وارن ( warren) ، كما ظلت أمور وقضايا عديدة دون فصال لصالح الرعايا البريطانيين في المغرب.

وحاول الحاجب موسى بن أحمد طمأنة دراموند هاي بأن " ( ... ) المحبة بين الدولتين ( ... ) راسخة صافية متتابعة متوالية ( ... ) " (?). وحين علم المولى الحسن بقرار أصدرته وزارة الخارجية البريطانية بتقاعد دراموند هاي عن الخدمة لكبر سنه، وجه رسالة في الموضوع إلى الملكة فكتوريا، أثنى فيها الثناء الكبير على النائب البريطاني فقال:

( ... ) إن منيسطروكم العاقل الكبلير جان هي درامنض هي صاحب النيشانات المخصوصة الزاهية والمراتب الفاخرة الباهية ( ... ) كملت مدة خدمته بإيالتنا السعيدة معنا ومع أسلافنا المقدسين هذه مدة من السنين، أرحتموه إراحة اعتزاز وحليتموه بحلي الاعتناء والامتياز ( ... ).

أما ما أبداه منيسطروكم المذكور في مدة خدمته بإيالتنا من جميل المصارفة في الأمور وحسن السيرة والسعي المشكور، فكله من محبتكم عنوان ودليل وبرهان ( ... ). نعم المنيسطر المشار إليه من كمال ذكائه وفطانته وحسن سيرته ووساطته، بالغ في مدة خدمته في المحافظة على عهود محبة الجانبين وصيانتها من التبديل والتغيير، ولم يأل جهداً في السعي لها في النماء والتثمير، فازدادت تأكيداً رسوخاً وتجديداً. لَمِثله من يتوسط بين الأحباء، جُزِيَ خيراً على ذلك وبقي كما يحب ويشاء ( ... ) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015