¤أحمد فهمي£بدون¥البيان مركز البحوث والدراسات - الرياض¨الأولى¢2009م€سياسة شرعية¶فلسطين - تاريخ وقضية
الخاتمة:
تبين في الفصل الأول العوامل الستة التي تحدد شكل العلاقة بين حركة حماس والكيان الصهيوني وطبيعتها، وربما مستقبلها. وثلاثة من هذه العوامل ترتبط بالخلفية الصهيونية الدينية والسياسية، وهي: التأصيل الديني للصراع، والعداء للعرب والمسلمين، وتبنِّي القوة بوصفها خياراً استراتيجياً.
والعوامل الثلاثة الأخرى ترتبط بحركة حماس، وهي: المقاومة، والمشروع الإسلامي، روفض الاعتراف بالكيان.
ومن خلال قراءة التفصيلات الواردة في كل عنصر؛ يمكن التوصل إلى رؤية تحليلية بأن العوامل الثلاثة الأخيرة تحكم العلاقة إلى درجة كبيرة، وهي العوامل القابلة للتغير بحسب قوة تمسك حركة حماس بها؛ بوصفها ثوابت عقدية وسياسية للقضية الفلسطينية، فكلما تراخت الحركة في التمسك بهذه الثوابت كلما تقلَّصت المسافة الفاصلة بينها وبين الكيان، وفي حالة الافتراض الجدلي بتلاشي هذه العوامل الثلاثة؛ فإن المسافة بين الحركة والكيان سوف تتضاءل إلى حدها الأدنى، ولكنها لن تتلاشى أبداً؛ بالنظر إلى العوامل الثلاثة المتعلقة بالكيان، والتي تؤكد كل المؤشرات على صعوبة – إن لم يكن استحالة – تراجعهم عنها.
هذه النتيجة واضحة بقوة في موقف الكيان من حركة فتح التي تنازلت عن المقاومة واعترفت بالدولة الصهيونية، كما أنها تتبنى مشروعاً علمانياً بالأساس، لكن لا تزال العوامل الأخرى فاعلة ومؤثرة بقوة في تحديد شكل العلاقة وطبيعتها بين الكيان وفتح.
ومن المهم جداً إعادة التأكيد على تأثير الدين في الصراع والجانب الصهيوني، وأن علمانية أغلب الأحزاب وأقواها لا ينبغي أن تشتت الأنظار عن هذا العامل، ومن المفيد اقتباس ما أورده (دليل إسرائيل 2004م) حول إشكالية الاختلافات بين الأحزاب العلمانية والدينية في الكيان: (الحركة الصهيونية ثم إسرائيل لم تشهدا عملية علمنة حقيقية، ومن ثم فصل الدين عن الدولة، لكنهما قاومتا المحاولات التي سعت لصبغ الدولة المستحدثة على أسس دينية؛ فلدى انطلاق الحركة الصهيونية كانت الأغلبية العظمى من قاعدتها علمانية، لكن طرحها القومي استند إلى التراث الديني اليهودي الذي وظفته في خدمة أهدافها بشكل انتهازي).
وفي الفصل الثاني بيَّنتُ المحاور الخمسة المذكورة الآتية التي تتحكم في العلاقة بين حماس وبعض الدول العربية، وهي: عقدة الإخوان المسلمين، دبلوماسية التنازلات، التحالفات البينية والخارجية، المحور الإيراني، رهاب ما بعد خيار الدولتين.
وتفيد الرؤية التحليلية لهذه المحاور ما يلي:
1 - هناك عوامل من الصعب تراجع تأثيرها - أو تلاشيها على الأقل - في الحقبة الراهنة، مثل: انتماء حماس للإخوان المسلمين، والطابع الإسلامي لمشروعها.
2 - ليس كل العوامل فاعلة بالدرجة نفسها من التأثير مع كل الدول العربية، فمع مصر - على سبيل المثال - يقفز عامل (الانتماء للإخوان وأسلمة النظام) إلى أعلى القائمة، يليه التحالفات - بما فيها اتفاقية السلام -، بينما يتراجع تأثير هذا العامل بالنسبة للسعودية التي تتبنى نظاماً إسلامياً، ومن ثم لا يؤثر عليها سلباً أن ترفع جهة ما شعار الحكم بالإسلام، لكن أهم عامل في الرؤية السعودية هو: المحور الإيراني؛ لما له من تداعيات خطيرة على الأمن القومي لدول المنطقة.
3 - بعض العوامل تثير قلقاً عربياً مقبولاً، وتحتاج إلى تحديد موقف من قبل حماس، مثل: المحور الإيراني، وقضية إلحاق القطاع بمصر والضفة بالأردن.