اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر الهجري

¤فهد بن عبدالرحمن الرومي£بدون¥بدون¨الأولى¢1407هـ€علوم قرآن¶علوم قران - مناهج ومدارس تفسير ودراسات قرانية

الخاتمة

وبعد:

هذه أهم الاتجاهات لتفسير القرآن الكريم في القرن الرابع عشر الهجري، وتلكم هي أسسها التي قامت عليها. لها ما لها وعليها ما عليها. ولا أجد حاجة لتكرار ممل ـ حتى ولو كان مختصراً ـ للأبحاث التي تناولتها فدون من أراد ذلك المقدمة فقد أجملت فيها ما تناولته من أبحاث ودونه الكتاب كله ففيه التفصيل ودونه الفهارس ففيها الدلالة وإنما يهمني ويهم غيري فيما أرى أن أخص الخاتمة بالحديث عن النتائج التي توصلت إليها بعد هذه الدراسة وفيها أمور ما كنت أتصور حدوثها ووقوفي عليها. وعلى كل حال فسأقدم النتائج بقدر من الاختصار الذي يعطي الثمرة ولا يؤدي إلى الملل.

فمن النتائج:

أولاً: في العصر الإسلامي الأول لم يكن ثم إلا فرقة إسلامية واحدة وإلا أمة إسلامية واحدة هي خير القرون وهي قدوة المسلمين ولم يكن بينهم شقاق في العقيدة أو خلاف وكلما ظهرت شرارة من هنا أو هناك هيأ الله لها من أمة المسلمين من يطفئها أو من يضرب صاحبها بدُرَّتِه ضربة يعيد بها صاحبها إلى رشده، ولم يكن لهذه الحالات الشاذة أثر يذكر في التفسير سلباً أو إيجاباً فلم يحوج الأمر المفسرين إلى الرد عليهم أو على شبهاتهم إلا النادر الذي لا يشكل منهجاً.

ومضى حين من الدهر نشأت فيه مذاهب وفرق أخرى هيأ الله ـ سبحانه وتعالى ـ لهم من يرد عليهم في مؤلفات مستقلة أو عند تفسير القرآن الكريم.

ونظرة سريعة إلى التفاسير في تلك الفترة يظهر فيها حجم المعركة.

فرق تؤلف تفاسيرها على قواعد أصولها التي أنشأتها من قبل، وتبث شكوكها وشبهاتها.

وفرقة أخرى تكابد بين أمرين أمر تقرير عقيدتها واستخراجها من نصوص القرآن الكريم والسنّة النبوية وأمر الرد على شبهات الخصوم وأوهامهم.

قامت فرق المعتزلة والشيعة الاثني عشرية ... والباطنية والزيدية ... والخوارج ... والأباضية ... والصوفية ... والفلاسفة وأمثالهم يفسرون القرآن الكريم وفق أصولهم.

وقام أهل السنّة والجماعة يقررون عقائدهم ويردون على خصومهم فلم يهملوا آية فيها تقرير لعقيدتهم إلا وبينوه ولا آية فيها رد على خصومهم إلا وأظهروه.

وفعلوا ذلك إظهاراً للحق وتبرئة لذممهم وذوداً عن عقيدتهم وأمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر فما زالوا ظاهرين.

وقد كان الاتجاه العقائدي في التفسير في القرن الرابع عشر أول أبحاث هذه الدراسة ـ وإن أنس لا أنس ـ صدمة تلقيتها وأنا أكتب عن تفاسير أهل السنّة والجماعة.

فقد عانيت كثيراً في الحصول على نصوص تقرر عقيدة أهل السنة والجماعة بكل تصريح ووضوح بل تسوقها بإشارة عاجلة وكأنها مقررة عند قارئ التفسير ومعلومة.

وليتهم حين يفعلون هذا يتجاوزونه إلى الرد على شبهات الأعداء وكيد الخصوم والتأويلات الباطلة ... ليتهم يبرزون الرد على الشيوعية والرأسمالية والاشتراكية أو القومية الترابية أو اللسانية ليتهم يردون على البابية أو البهائية أو القاديانية أو يردون على عصابات الانحلال الفكري أو شبهات المستشرقين أو انحرافات المنحرفين أو حتى ليتهم يردون على الفرق المعاصرة كالشيعة التي جعلت همها في العصر الحديث مواجهة أهل السنة والجماعة ومصادمتهم ليس في داخل بلاد المسلمين فحسب بل حتى في الدول الأوروبية والأميركية وكم سمعت من الدعاة إلى الإسلام في تلك الأنحاء من نشاط أولئك ضدهم وكأن هؤلاء يدعون إلى الشيوعية والإلحاد لا إلى الدين الإسلامي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015