¤ناصر بن حمد الفهد£بدون¥أضواء السلف - الرياض¨الأولى¢1422هـ€علوم حديث¶تدليس
وأختم هذا البحث بذكر خلاصة مفيدة إن شاء الله تعالى لما ذكرته في الأبواب السابقة:
1ـ أن أساس منهج المتقدمين في أحكامهم على الحديث في الجملة قائم على الاستقراء الواسع والتتبع والسبر والمقارنة مع طول اشتغال بهذا العلم وحفظه ومذاكرته ومدارسته الأئمة.
2ـ أن التدليس له عدة صور، وكل صورة لها حكم خاص، بل لكل مدلس حكم خاص تقريباً. فهناك من التدليس ما يلحق بالإرسال.
وهناك من التدليس ما لا ينظر فيه إلى (الصيغة) وذلك مثل (تدليس الشيوخ) و (الأخذ من الصحيفة).
وهناك من التدليس ما يكون عاماً وهناك ما هو خاص براوٍ معين، وهناك من الروايات ما يؤمن فيها من التدليس، لأنها من رواية المدلس عن شيوخ معينين أو من روايات شيوخ معينين عن المدلس، وكل هذا يعرف بدراسة حال المدلس وأقوال الأئمة فيه واعتبار رواياته.
3ـ أن (صيغ التحديث والأداء) يلحقها (التغيير) كثيراً، فالعنعنة في الغالب تكون ممن دون المدلس أو الراوي عموماً، كما أن التصريح بالتحديث أحياناً قد يكون وهماً ممن دون المدلس، فالحكم بالتدليس بناءاً على العنعنة فقط خطأ، والحكم بالاتصال بناءاً على وجود طريق فيه التصريح بالتحديث فقط ـ مع مخالفتها جميع الطرق ـ خطأ، ومعرفة هذه الأمور تكون باستقراء الروايات مع معرفة حال الرواة بدقة.
4ـ أن طريقة المتقدمين في حكمهم على روايات المدلسين المعنعنة تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: الرد، وهو في حالتين:
الحالة الأولى: أن يكون قام الدليل على أن حديثه هذا بعينه مدلس: وهذا يعرف بعدد من الوجوه ذكرتها في الفصل الرابع.
الحالة الثانية: أن لا يعلم وجود التدليس ولكن تكون في الحديث علة فتحمل هذه العلة على احتمال وجود التدليس.
القسم الثاني: القبول، وهو فيما عدا ذلك.
وهذا ما ظهر لي بعد طول بحث وتأمل في طريقة السلف والأئمة في هذا الباب، فإن يكن ما ذكرته صواباً فذلك فضل من الله ونعمة فله الحمد والشكر وله الثناء الحسن، وإن تكن الأخرى فأسأل الله تعالى أن لا أعدم الأجر على الاجتهاد.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.