منهج الإمام أحمد في إعلال الأحاديث

¤بشير علي عمر£بدون¥وقف السلام الخيري - الرياض¨الأولى¢1425هـ€علوم حديث¶علوم حديث - علل

الحمد لله أولا وآخرا حمدا يليق بجلال ربنا وكماله وكما يحب ربنا ويرضى، فقد يسر الله بمنه وكرمه وفضله علي بإتمام هذا البحث الذي عشت فيه فترة من الزمن مع إمام أهل السنة والجماعة أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل في ظل كلامه في علل الأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواتها.

إن الإمام أحمد من الأئمة الذي خاضوا في مجال إبراز الأخطاء والأوهام التي وقع فيها رواة الأخبار، وكيف وقعوا فيها، والخطأ مما جبل عليه البشر، وأسباب طروه لا تنحصر، فكان من الصعوبة بمكان وضع قواعد جامدة لا مرونة فيها تكون هي المعولة في الحكم على الراوي بالخطأ في روايته، ومن أجل ذلك كان من أبرز سمات منهج الإمام أحمد العمل مع القرائن في كل حديث حديث.

ومع تلك الصعوبة فلا يستحيل على من درس منهج الإمام أحمد من الاطلاع على أهم الأصول التي بنى عليها الإمام أحمد كلامه في الإعلال، ولا يقال إنها قواعد بل هي قرائن كادت لكثرة استعمالها أن تكون قواعد في هذا العلم، ومن خلال هذه الدراسة تكاد تنحصر في عشرة أمور:

1. التفرد ممن لا يحتمل تفرده وبخاصة عن حافظ مكثر ذي تلاميذ كثر.

2. المخالفة لرواية الأوثق أو الأكثر عددا.

3. مخالفة الراوي لمقتضى ما رواه.

4. مخالفة الرواية للثابت المعروف.

5. سلوك الجادة عند بعض الرواة في حالة الرواية.

6. معرفة الملابسات المتعلقة بمجالس التحمل والأداء.

7. معرفة ما ينفي السماع الموهوم في السند.

8. معرفة من ضعف من الثقات تضعيف مقيدا، إما في بعض شيوخه، أو في بعض الأوقات، أو الحالات أو في حديثه في بعض البلدان، أو في حديث بعض أهل البلدان عنه.

9. معرفة مراتب الرواة عن الأعلام المكثرين في الرواية وعدد التلاميذ.

10. الفهم الخاص بأن هذا الحديث يشبه حديث فلان ولا يشبه حديث فلان.

ولا ينفرد الإمام أحمد في أغلب مسائل هذا العلم بما لا يوافقه عليه غيره من أقرانه أو شيوخه، ففي عدم اعتبار عدد محدود لرفع الجهالة حيث جعل الضابط في ذلك شهرة الراوي، فقد وافقه غيره من أقرانه. وكذلك في اعتبار ثبوت السماع للحكم بالاتصال على السند المعنعن، وفي ضابطه في الحكم بالنكارة على ما تفرد به الراوي الذي لا يحتمل منه ذلك التفرد وإن كان ثقة.

ومصطلحاته في هذا العلم أكثر شمولا من المصطلحات الموضوعة عند المتأخرين. وقد تكون مواقفه في بعض مسائل هذا العلم تعكس منزلته من الإمامة في هذا الدين، فلا تكون نظرته من مجرد منظار أهل الاختصاص بعلم الرواية، مثل موقفه مع المشتهرين بالبدعة والهوى الداعين إليها، وكذلك الذين أجابوا في محنة خلق القرآن، حيث ترك الرواية عنهم ونهى غيره عن ذلك، لا لعدم صحة الاحتجاج بمروياتهم لكن لواجب الديانة المقتضي هجران أصحاب الفرق المخالفين للسنة والجماعة.

والعمل في دراسة منهج الإمام لم يكن أمرا سهلا، فدراسة المناهج أمر يحتاج إلى استقراء تام، ويزيده صعوبة الوقوف على ما يصححه من الأحاديث والذي يمكن أن يجعل أصلا لوضع شرطه في القبول، فمثلا ليس كل حديث في مسنده صحيحا عنده، كما هو الحال في الجامع الصحيح بالنسبة للإمام البخاري، وليس كل مسألة فقهية استدل لها بحديث يستنتج منها صحة الحديث عنده، الأمر الذي يلزم على الباحث أن يستنير بما وضعه أهل الاستقراء التام لأقوال الإمام أحمد.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015