بعد هذا نستطيع بتوفيق الله أن نجمل نتائج هذا البحث وتلك الدراسة فيما يلي:
1 - أن أهل السنة والجماعة- وبخاصة أهل الحديث منهم- هم أول من وضع الأصول السياسية للحكم الإسلامي.
وذلك بما جمعوه من أقوال الرسول- صلى الله عليه وسلم- وأفعاله وأقوال الصحب الكرام وأفعالهم وأودعوه دواوين السنة الكريمة، وإنهم آثروا الاكتفاء بالجمع والتدوين لعدم قيام الحاجة إلى المزيد. فكانوا بذلك أنفع للعلم وللحياة وأبعد نظراً فقد صانوا الجماعة بذلك -أهل العدل- مما عرى غيرهم ممن أولع بكثر التحدث والتشقيق.
2 - أن الحكم في المسلمين واجب ديني وقيام الحاكم به قيام بفريضة عينية مفترضة.
وأن حاجة الحكم إلى الأمة أقوى من حاجته للإمام.
3 - حاجة المسلمين إلى إقامة حكم الله أسبق من حاجتهم لوفرة الطعام والشراب، فبه يرزقون ويسودون فإقامة حدٍّ في أرض الله خير لأهله من أن يمطروا أربعين خريفاً.
4 - فوق ذلك فإن أهمية الإمامة والخلافة في الأمة ترجع إلى أن أحكامها وأحوالها تكسب حجة الدليل- ومن ثم صحة القياس عليها.
وأنها لا تكسب تلك الفضيلة إلا بمقدار قربها من خلافة النبوة.
5 - إن الفرقة التي يعانيها المسلمون اليوم ترجع في أصولها إلى أسباب بدأت واهية من اليسير على المسلمين تداركها وعلاج أمرها لو صح فيهم القصد.
وإن خلو الأفئدة سبب من أسباب الفرقة عظيم.
6 - فساد الرعية من فساد رعاتها، وظلم الرعاة من عصيانها ووفرة الخير في واحد منها مؤثر على صاحبه.
7 - الحكومة التي أقامها الإسلام ودعت إليه السنة ليست حكومة طائفة ولا سلطان طبقه بل حكومة منهج يفرض على المسلمين صيانة أمرها وإعزاز قدرها.
8 - إن حكم الناجح لا يستقيم إلا بالعصبية، والعصبية تختلف باختلاف أقوامها، وهي تمثل في الإسلام القوة المستمدة من رغبة المسلمين وإراداتهم الحرة.
9 - التصويت الانتخابي حق كل مسلم مصان الدم عفَّ السيرة ومن اللازم لهذا الحق أن يصان من غيث الأهواء ونزق المطامع، فلهذا الحق من القداسة ما يفوق به قداسة بعض الفرائض العينية كصلاة الجمعة التي لا تجب بغير الأمان، وفريضة الحج التي لا تلزم بغير تأمين الطريق، وصوم رمضان الذي لا يدخل بغير صيام الإمام ولذا فمن الواجب أن تعطي الأمة له ما تعطيه لبعض شعائرها، وبداية للجد في الأمر ينبغي أن يتم الاقتراع على المرشح للأمر داخل المساجد كما كانت تتم البيعة له سابقاً فيها، وأن يباشر عملية الفرز دعاة المسلمين وهداتهم.
10 - أن الديمقراطية على ما يدعى لها قاطرة على نوع من أنواع النشاط الإنساني وهو الحكم، أما الشورى فهي نظام لجميع أوجه النشاط في حياة المسلمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
المطرية في 19 شوال 1402هـ