¤محمد بن إسحاق كندو£بدون مكتبة الرشد - الرياض¨الأولى¢1419هـ€توحيد وعقيدة ومنهج¶ترجمة مفردة - دراسة شاملة أو جزئية
لقد انتهيت -بعون الله تعالى وتوفيقه- من دراسة منهج الحافظ ابن حجر العسقلاني في العقيدة من خلال كتابه (فتح الباري)، عرضاً ونقداً في ضوء عقيدة أهل السنة والجماعة.
وأودُّ في هذه الخاتمة أن أجمل أهم النتائج التي توصّلت إليها فيما يلي:
1 - أن الحافظ ابن حجر نشأ وعاش في بيئة كانت الحالة الدينية فيها مشوبةً بكثيرٍ من البدع والخرافات، وكان للعقيدة الأشعرية فيها سلطان وانتشار واسع، بحيث يكون من يخالفها في خطر.
2 - أن الحافظ بدأ حياته العلمية في وقتٍ مبكرٍ جدَّاً، وأخذ العلم على أيدي مشايخ يزيد عددهم على (500) شيخ.
3 - أن الله تعالى منح الحافظ مواهب نفسية، وهيَّأ له أسباباً كثيرة جعلته يبلغ إلى مرتبة عليا في العلم، ويصبح أحد أعلام الأمة الإسلامية ومشاهير علمائها المعدودين.
4 - أن علم العقيدة هو أحد العلوم التي أولاها الحافظ عنايته دراسةً وروايةً، ولم تتمحّض دراسته إياه على المنهج السلفي الصافي؛ لأن أكثر مشايخه الذين درس عليهم كانوا على غير منهج السلف في العقيدة، بل كانوا أشاعرة تبعاً لحالة العصر، وإنما يتمثل الجانب السلفي في دراسة الحافظ للعقيدة في تلك الكتب التي يرويها عن بعض مشايخه رواية مما صنّفه علماء السلف في بيان العقيدة الصحيحة، والردّ على المخالفين فيها، كما يجدها من يطّلع على فهرس مرويات الحافظ من الكتب والأجزاء.
5 - أن الحافظ ابن حجر قد خلّف للعلماء وطلاب العلم بعده تراثاً علميّاً ضخماً -خصوصاً في فنون علم الحديث- يحيي ذكره في الدنيا، ويناله أجره في الآخرة إن شاء الله تعالى.
6 - أن كتابه (فتح الباري) يُعدُّ أهم كتبه على الإطلاق، من حيث موضوعه، ومادته العلمية، ومن حيث عناية الحافظ به، وطول المدّة التي قضاها في تأليفه وتحريره.
7 - أن (فتح الباري) قد احتوى على جل مسائل العقيدة التي يبحثها العلماء في كتب العقيدة؛ وذلك لأنه شرح كتاب جامع لأدلة السنّة في جميع أبواب الدين، وأهمها باب العقيدة.
8 - أن الحافظ قد استقى معلوماته في العقيدة من مصادر كثيرة متنوعة، زادت في إحصاء الباحث على (125) مصدراً، وهذه فيما يخص مصادره في المسائل العلمية، دون مصادره في الأدلة الحديثية التي يستدل بها على المسائل، فإنها إن لم تَزِد على هَذا العدد فلا تَقِلّ عنه.
9 - اعتمد الحافظ كثيراً في تقرير مسائل العقيدة على كلام بعض أهل العلم من شُرَّاح صحيح البخاري قبله، ومن شُراح صحيح مسلم، ومن غيرهم، وفي مقدّمة الذين اعتمد عليهم الحافظ: البيهقي -في كتابيه (الأسماء والصفات) و (الاعتقاد)، والخطابي -في كتابيه (أعلام السنن في شرح صحيح البخاري) و (معالم السنن في شرح سنن أبي داود)، وابن بطال في (شرح البخاري)، والقاضي عياض، والقرطبي، والنووي، كلهم في (شرح صحيح مسلم)، وابن العربي في (شرح البخاري) و (شرح الترمذي) و (أحكام القرآن)، والطيبي في (شرح مشكاة المصابيح).
فهؤلاء ممن تبيّن للباحث أن الحافظ اعتمد عليهم أكثر من غيرهم في شرح الأحاديث بما تتضمنه من مسائل في العقيدة، إضافة إلى الإمام البخاري نفسه صاحب الصحيح، مع خطأٍ أحياناً في فهم مقصوده من كلامه.