الغضبية عن القدر الواجب، فتصرف عن الإقدام حيث يجب الإقدام. ومهما حصلت هذه الأخلاق، صدرت منها هذه الأفعال، أي يصدر من خلق الشجاعة الإقدام حيث يجب وكما يجب، وهو الخلق الحسن المحمود، وإياه أريد بقوله تعالى: (أشِدّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُم) ، فلا الشدة في كل مقام محمودة، ولا الرحمة، بل المحمود ما يوافق معيار العقل والشرع. فمن حصل له ذلك، فليحفظه بالمواظبة على أفعاله. ومن لم يحصل له، فلينظر، فإن كان طبعه مائلاً إلى النقصان الذي هو الجبن، فليتعاط أفعال الشجعان، متكلفاً مواظباً عليه، حتى يصير له الاعتياد طبعاً وخلقاً، فيفيظ منه أفعال الشجعان بعد ذلك طبعاً، وإن كان مائلاً إلى طرف الزيادة، وهو التهور، فليشعر نفسه بعواقب الأمور، وليعظم أخطارها، وليتكلف الإحجام إلى الاعتدال، أو ما يقرب منه. فإن الوقوف على حد الاعتدال شديد، ولو تصور ذلك، لارتحلت النفس عن البدن، وليس معها علاقة منه، فكانت لا تتعذب أصلاً بالتأسف على ما يفوتها منه،