والأولى هي الحكمة العلمية النظرية، ونعني بالحكمة الخلقية حالة وفضيلة للنفس العاقلة، بها تسوس القوة الغضبية والشهوانية، وتقدر حركاتها بالقدر الواجب في الانقباض والانبساط، وهي العلم بصواب الأفعال. وهذه الفضيلة تكتنفها رذيلتان، وهما الخب والبله، فهما طرفا إفراطها وتفريطها، أما الحب فهو طرف إفراطها، وهو حالة يكون بها الإنسان ذا مكر وحيلة، بإطلاق الغضبية والشهوانية يتحركان إلى المطلوب حركة زائدة على الواجب. وأما البله، فهو طرف تفريطها ونقصانها عن الاعتدال. وهي حالة للنفس، تقصر بالغضبية والشهوانية عن القدر الواجب، ومنشأه بطؤ الفهم، وقلة الاحاطة بصوب الأفعال.
وأما الشجاعة فهي فضيلة للقوة الغضبية، لكونها قوية، ومع قوة الحمية، منقادة للعقل المتأدب بالشرع، في إقدامها وإحجامها، وهي وسط بين رذيلتيها المطيفتين بها، وهما التهور والجبن. فالتهور لطرف الزيادة عن الاعتدال، وهي الحالة التي بها يقدم الإنسان على الأمور المحظورة، التي يجب في العقل الاحجام عنها، وأما الجبن فلطرف النقصان، وهي حالة بها تنقص حركة