ينعطف منه على نفسه وصف الفقه، فيصير فقيه بمعنى أنه حصل للنفس هيئة مستعدة، نحو تخريج الفقه، فيتيسر له ذلك طبعاً مهما حاوله. وكذلك الأمر في جميع صفات النفس.
وكما أن طالب رتبة الفقه لا يحرم هذه الرتبة بتعطيل ليلة، ولا ينالها بزيادة ليلة، فكذلك طالب كمال النفس لا ينالها بعبادة يوم، ولا يحرمها بنقصان يوم. ولكن تعطّله في يوم واحد، يدعو إلى مثله. ثم يتداعى قليلاً قليلاً، حتى تأنس النفس بالكسل وتهجر التحصيل فيفوته فضيلة الفقه، فكذا صغائر المعاصي، بعضها يدعو إلى بعض. وكما أن تكرار ليلة لا يحس بأثره في تفقه النفس، فإنه يظهر شيئاً فشيئاً، مثل نمو البدن وارتفاع القامة، فكذلك الطاعة الواحدة، قد لا يحس أثرها في النفس وكمالها في الحال، ولكن ينبغي أن لا يستهان بها، فإن الجملة مؤثرة، وإنما جمعت من الآحاد، فلكل واحد تأثير. ثم ما من طاعة إلا ولها أثر ما وإن خفيى، وكذلك المعصية. وكم من فقيه مسوّف يستهين بتعطيل يوم وليلة، وهكذا على التوالي، فيفوته كمال العلم. فكذا من يستهين بصغار المعاصي ينتهي به الأمر إلى حرمان السعادة.