اعلم أن المقصود من المجاهدة والرياضة بالأعمال الصالحة تكميل النفس وتزكيتها وتصفيتها لتهدي بأخلاقها. وبين النفس وبين هذه القوى نوع من العلاقة، تضيق العبارة عن تعريفه على وجه يتشكل في خزانة التخيل، لأن هذه العلاقة ليست محسوسة بل معقولة. وليس من غرضنا بيان تلك العلاقة، ولكن كل واحد من النفس والبدن متأثر بسبب صاحبه. فإن النفس إن كملت وكانت زاكية، حسنت أفعال البدن، وكانت جميلة، وكذا البدن، إن جملت آثاره، حدث منها في النفس هيئات حسنة وأخلاق مرضية. فإذن الطريقة إلى تزكية النفس اعتياد الأفعال الصادة من النفوس الزاكية الكاملة، حتى إذا صار ذلك معتاداً بالتكرر، مع تقارب الزمان، حدث منها هيئة للنفس راسخة تقتضي تلك الأفعال، وتتقاضاها بحيث يصير ذلك له بالعادة كالطبع، فيخف عليه ما كان يستثله من الخير. فمن أراد مثلاً أن يحصّل لنفسه خلق الجود، فطريقة