والشهوة له كعبد سوء يجلب الميرة والطعام، والحمية كصاحب شرطته. والعبد الجالب للميرة مكّار خداع خبيث ملّبس، يتمثل بصورة الناسح، وتحت نصحه الداء العضال، والشر الشِمّر، وديدنه منازعة الوزير في التدبير حتى لا يغفل عن منازعته ومعارضته في آرائه ساعة. فكما أن الوالي في مملكته، متى استشار في تدبيرات لوزيره، معرضاً عن إشارة هذا العبد الخبيث، بل مستدلاً باشارته على أن الصواب في نقيض رأيه، ودأب صاحب شرطته، وأسلسه لوزيره وجعله مؤتمراً له، مسلطاً من جهته على هذا العبد الخبيث، وأتباعه وأنصاره، حتى يكون العبد مسوساً لا سايساً، ومأموراً ومدبّراً لا آمراً مدبّراً، استقام أمر بلده، وانتظم لقيام العدل بسببه. كذلك النفس متى استعانت بالعقل، وأدّبت الحمية الغضبية، وسلّطتها على الشعوة، واستعانت بالعقل على الأخرى، تارة بأن تقلل من تيه الغضب وغلوائه، بخلابة الشهوة وتقهرها بتسليط الغضب والحمية عليها، وتقبيح مقتضياتها استشاطة عليها، اعتدلت قواه وحسنت أخلاقه. ومن عدل عن هذه الطريقة فهو كما قال الله تعالى: