وقوة الشهوة، وقوة الغضب، ومهما هذّبت قوة الفكر وأصلحت كما ينبغي، حصلت بها الحكمة، التي أخبر الله عنها حيث قال: (وَمَنْ يُؤْتَ الحِكمة فَقد أُوتِي خَيْراً كَثِيراً) . وثمرتها أن يتيسر له الفرق بين الحق والباطل في الاعتقادات وبين الصدق والكذب في المقال، وبين الجميل والقبيح في الأفعال، ولا يلتبس عليه شيء من ذلك، مع أنه الأمر الملتبس على أكثر الخلق، ويعين على إصلاح هذه القوة وتهذيبها ما أودعناه " معيار العلم ". والقوة الثانية هي الشهوة، وبإصلاحها تحصل العفّة، حتى تنزجر النفس عن الفواحش، وتنقاد للمواساة والإيثار المحمود بقدر الطاقة. والثالثة الحميّة الغضبية، وبقهرها وإصلاحها يحصل الحلم، وهو كظم الغيظ، وكف النفس عن التشفي، وتحصل الشجاعة، وهي كفّ النفس عن الخوف والحرص المذمومين في كتاب الله تعالى.