أيضاً مصلح نفسه، ومهذب خلقه، ومميط عن النفس رذيلة الغفلة والغشاوة، وقلة الشفقة، على ما سنذكره في تفصيل سوء الأخلاق وحسنها.
فقد عرفت أن سعادة النفس وكمالها أن تنتقش بحقائق الأمور الآلهية وتتحد بها حتى كأنها هي، وأن ذلك لا يكون إلا بتطهير النفس عن هيئات ردية تقتضيها الشهوة والغضب، وذلك بالمجاهدة والعمل. فالعمل للطهارة، والطهارة شرط ذلك الكمال. ولذلك قال عليه السلام: " بني الدين على النظافة ".
اعلم أن جانب العمل متفق عليه، وأنه مقصود لمحو الصفات الردية، وتطهير النفس من الأخلاق السيئة. ولكن جانب العلم مختلف فيه، وتباين فيه طرق الصوفية طرق النظار، من أهل العلم. فإن الصوفية لم يحرّضوا على تحصيل العلوم ودراستها، وتحصيل ما صنّفه المصنفون في البحث عن حقائق الأمور،