فأعلم أن للنفس الحيوانية بالجملة قوتين: إحداهما محركة والأخرى مدركة. والمحركة قسمان: باعثة ومباشرة للحركة. فالمباشرة للحركة هي القوة التي تنبث في الأعصاب والعضلات، ومن شأنها أن تشنج العضلات، فتجذب الأوتار والرباطات المتصلة بالأعصاب إلى نحو جهة المبدأ، أو ترخيها فتصير الأعصاب والرباطات إلى خلاف جهة المبدأ. وهذه خادمة للمحركة الباعثة. والمراد بالباعثة القوة النزوعية الشوقية، التي تبعث على الحركة مهما حصل في الخيال صورة شيء مطلوب أو مهروب عنه، فتحمل القوة المباشرة للحركة على التحريك. ولهذه الباعثة شعبتان: شعبة تسمى شهوانية، وهي تبعث على تحريك يقرب من الأشياء التي يعتقدها صاحبها ضرورية أو نافعة، طلباً للذة، والأخرى تسمى غضبية، وهي قوة تبعث على تحريك يدفع به الشيء الذي يعتقد فيه أنه ضار أو مفسد، طلباً للغاية. وأما المدركة فقسمان: ظاهرة وباطنة.