وكيف تطمع في رتبة، وأنت تعرف الحق بالرجال، بل، ت تعرف الحق بالحمر! فلا فرق بين العوام الذين لم يمارسوا العلوم، وبين حمر مستنفرة، فرت من قسورة. أما تراهم كيف اعتقدوا في الله تعالى أنه جالس على العرش تحت مظلة خضراء، إلى تمام ما اعتقدوه في المشتبهات. فأكثر الناس مشبّهة، ولكن التشبيه درجات. منهم من يشبه في الصورة، فيثبت اليد والعين والنزول والانتقال. ومنهم من يثبت السخط والرضى، والغضب والسرور، والله تعالى مقدس عن جميع ذلك. وإنما أطلقت هذه الألفاظ في الشرع على سبيل وبتأويل، يفهمها من يفهمها، وينكرها من ينكرها، ولو تساوى الناس في الفهم لبطل قوله عليه السلام: " رب حامل فقه إلى من أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه "، ولنتجاوز هذا الكلام، فإنه سلسلة المجانين ويحل قيود الشيطان.
لعلك تقول كلامك في هذا الكتاب إنقسم إلى ما يطابق مذهب الأشعرية وبعض المتكلمين، ولا يفهم الكلام إلا على مذهب واحد، فما الحق من هذه المذاهب؟