ولا ينبغي أن يفتح له باب البحث والطلب، فإنه يعطل عليه الصناعة التي بها تعمر الأرض وينتفع الخلق. ثم يقصر عن درك العلوم، فإن وجد ذكياً مستعداً لقبول الحقائق العقلية، جاز أن يساعده على التعليم، إلى أن تنحل له الشبهات، وقد حكي عن بعض الأمم السالفة أنهم كانوا يختبرون المتعلم مدة في أخلاقه، فإن وجدوا فيه خلقاً ردّياً منعوه التعلم أشد المنع. وقالوا إنه يستعين بالعلم على مقتضى الخلق الردي، فيصير العلم آلة شرّ في حقه، وإن وجدوه مهذب الأخلاق قيدوه في دار العلم، وعلّموه وما أطلقوه قبل الاستكمال، خيفة أن يقتصر على البعض، ولا تكمل نفسه، فيفسد به دينه ودين غيره، وبهذا الاختبار قيل: " نعوذ بالله من نصف متكلم ونصف طبيب. فذلك يفسد الدين وهذا يفسد الحياة الدنيا ".
الوظيفة الثامنة: أن يكون المعلم للعلم العملي، أعني الشرعيات، عاملاً بما يعلمه، فلا يكذّب مقاله بحاله، فينفر الناس عن الاسترشاد والرشد. وذلك أن العمل مدرك بالبصر، والعلم بالبصيرة، وأصحاب الأبصار أكثر من أرباب البصائر.