فَمَنْ مَنَحَ الجهّال علماً أضَاعَهُ ... وَمَنْ مَنَعَ المسْتَوجِبِين فَقَدْ ظَلَمْ
وادخار حقائق العلوم عن المستحق لها فاحشة عظيمة. قال الله تعالى: (وَإذْ أَخَذَ اللهُ مِثَاقَ الذِينَ أُوتوا الكِتَابَ لتُبَيّنّنَهُ للنّاس وَلاَ تَكْتُمُون) .
الوظيفة السابعة: إن المتعل القاصر ينبغي أن يذكر له ما يحتمله فهمه، ولا يذكر له أن ما وراء ما ذكرت ذلك تحقيقاً وتدقيقاً أدخره عنك، فإن ذلك يفتر رأيه في تلقف ما ألقي إليه، بل يخيل إليه أنه كل المقصود، حتى إذا استقل به رقي إلى غيره بالتدريج. ومن هذا يعلم أن تقيّد من العوام بقيد الشرع، واعتقد الظاهر وحسن حاله في السيرة، فلا ينبغي أن يشوش عليه اعتقاده وينبّه على تأويلات الظواهر. فإن ذلك يؤدي إلى أن ينحلّ عنه قيد الشرع، ثم لا يمكن أن يقيّد بتحقيق الخواص فيرتفع السد الذي بينه وبين الشرور، فينقلب شيطاناً وشريراً، بل ينبغي أن يرشد إلى علم العبادات الظاهرة، والأمانة في الصناعة، التي هو بصددها، وأن يملأ نفسه من الرغبة والرهبة على الوجه الذي نطق به القرآن، وأن لا يولّد شبهة، فإن تولدت شبهة وتشوقت نفسه إلى حلها، فيعالج دفع شبهته بما يقنع به من كلام عامي، وإن لم يكن على حقائق الأدلة.