ومذهب الفرقة الأولى، وهم المتمسكون بالمفهوم الأول للجماهير من ظواهر الشرع، غير خاف ربطه النجاة بالعلم والعمل، وبيانه لا يمكن أن يحصى. والصوفية والفلاسفة، الذين آمنوا بالله واليوم الآخر على الجملة، وإن اختلفوا في الكيفية، كلهم متفقون على أن السعادة في العلم والعبادة. وإنما نظرهم في تفصيل العلم والعمل، والتوقف مع هذا الاتفاق حمق. فمن استولت عليه علة، واتفق كتب الأطباء وأقوالهم، مع اختلاف أصنافهم، على أن النافع لهذه العلة المبرّدات، فتوقف المريض فيه سفه في عقله، بل يقتضي العقل المبادرة إليه. نعم، ربما يكون له طريق بعد ذلك إلى أن يتحقق ذلك، لا عن تقليد للجماهير بل عن تحقيق لحقيقة العلة، ووجه مناسبة المبردات لإزالتها، فينتهض بصيراً إذا نظر واستقل، وترقّى عن حضيض التقليد والاتباع، إلى ذروة الاستبصار. فكذلك قد ادعى الصوفية وفرق سواهم أنه يمكن الوصول إلى درك ذلك بالبصيرة والتحقيق، وذلك أن تعرف حقيقة الموت، وأنه يرجع إلى خروج الآلة عن الصلاة للاستعمال، لا إلى انعدام المستعمل.
ثم تعلم أن سعادة كل شيء ولذته وراحته في وصوله إلى كماله الخاص به. ثم تعلم أن الكمال الخاص بالإنسان هو إدراك حقيقة