ثم نبّه على أسرار ما استبعده، كما ورد به القرآن، فعرف الله موسى أن العلم يعلم ما لا ينتهي إليه عقل المتعلم ووهمه.
وبالجملة فكل متعلم لم يتبع مراسم معلمه في طريق التعلم، فأحكم عليه بالإخفاق وقلة النجح، فإن قلت فقد قال الله تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذَّكْرِ إِنْ كُنْتُم لاَ تَعْلَمُون) ، فاعلم أن هذا ليس مناقضاً لمنع موسى من السؤال، ولا لما ذكرناه، لأن النهي هو منع عن طلب، ما لم يبلغ إلى حدّ يدركه. فإذا منعه المعلّم من السؤال عنه، فليمتنع. والأمر هو حثّ على معرفة تفصيل ما تقتضيه رتبته من العلم.
الوظيفة الرابعة: إن الخائض في العلوم النظرية لا ينبغي أن يصغي أولاً إلى الاختلاف الواقع بين الفرق والشبه المشككة والمحيرة، ما لم يكن بعد تمهيد قوانينه. فإن ذلك يفتر عزمه في أصل العلم،