" ما من وعاء أبغض إلى الله تعالى من بطن مليء من حلال "، وهو أيضاً مضر من جهة الطب، فإنه أصل كل داء. قال عليه السلام: " البطنة أصل الداء والحمية أصل الدواء، وعوّدوا كل جسد ما اعتاد ". فقال محققو الطب: لم يدع عليه السلام شيئاً من الطب إلا وأدرجه تحت هذه الكلمات الثلاث.
ولا ينبغي أن يستهين طالب السعادة بهذه الزيادة، وإن سميناها مكروهاً لا محظوراً، فإنه مكروه سريع السياقة إلى المحظورات، بل إلى أكثر المحظورات. فإن مثار الشرور قوة الشهوات، ومقوي الشهوات هي الأغذية. فامتلاء البطن مقوي للشهوب، وتقوي الشهوة داعية للهوى، والهوى أعظم جند الشيطان، الذي إذا تسلط سباه عن ربه وصرفه عن بابه. وإمداد جنود الأعداء بالمقويات يكاد ينزل منزلة عين العداوة. فلهذا يكاد تكون الكراهية فيه حضراً. ولذلك قيل لبعضهم: " ما بالك مع كبرك لا تتعهد بدنك وقد أنهك ".