وباقية لذاتها، وثمرها في الدار الآخرة إلى غير نهاية. والقادر على الشريف الباقي، إذا رضي بالخسيس الفاني، كان مصاباً في عقله، محروماً بشقاوته وإدباره. وأقل أمر فيه أن الفضائل النفسية، لا سيما العلم والعقل، لا تحتاج إلى أعوان وحفظة، بخلاف المال. فإن العلم يحرسك وأنت تحرس المال. والعلم يزيد بالإنفاق، والمال ينقص به، والعلم نافع في كل حال ومطلقاً وأبداً، والمال يجذب إلى الرذيلة وتارة إلى الفضيلة. ولذلك ذمّ في القرآن في مواضع، وإن سمي خيراً في مواضع.
الثانية هي اللذة المشتركة بين الإنسان وبين سائر الحيوانات، كلذة المأكل والمشرب والمنكح، وهي أكثرها وجوداً. الثالثة التي يشارك فيها الإنسان بعض الحيوانات، وهي لذة الرياسة والغلبة، وهي أشد التصاقاً بالعقلاء، ولذلك قيل: " آخر ما يخرج من رؤوس الصديقين حب الرياسة ". وكيف تكون لذة الجماع والأكل لذة مطلقة، وهي من وجه إزالة ألم؟ ولذلك قال الحسن: " الإنسان صريع جوع وقتيل شبع ". وجميع لذات الدنيا سبع: مأكل ومشرب ومنكح