وكما أن من جلس متكلاً على رحمة الله ونعمته متعطشاً جائعاً، لم يسلك الطريق في شرب الماء وتناول الخبز هلك، ومن اتكل عليه في طلب المال ولم يتجر لم يحصل له المال وكان شقياً، فكذا من أراد الآخرة وسعا لها سعيها، وهو مؤمن، فأولئك كان سعيهم مشكوراً، ولذلك نبه الله تعالى عليه فقال: (وَأنْ لَيْسَ للإِنْسَانِ إِلاّ مَا سَعَى) ، ومهما عرف أن البهاء الأكمل لله وإن السعادة القصوى في القرب منه وأن القرب منه ليس بالمكان وإنما هو باكتساب الكمال على حسب الإمكان، وأن كمال النفس بالعلم والعمل والاطلاع على حقائق الأمور مع حسن الأخلاق، فمن لم يكمل كيف يقرب من الله تعالى، ومن أراد أن تقرب رتبته عند الملك بنوع من العلم لو تعطل في بيته متكلاً على كرم الملك ملازماً صفة النقصان غير مجتهد طول الليل في طاب العلم معولاً على فضل الله في أن يبيت ليله ويصبح أفضل أهل زمانه، فإن فضل الله عز وجل أوسع له وقدرته متسعة لأضعافه، قيل له: هذا فعل مشحون بالباطل والحماقة مزين الظاهر بكلام يظن أنه محمود. فكذا من ظن أن الآخرة تنال بالبطالة والعطالة فهذه حاله.