وينافي في إخلاصه. ومن ظن أن سعادة الآخرة تنال بمجرد قوله لا إله إلا الله، دون تحقيقه بالمعاملة، كان كمن ظن أن الطبخ يحلو بقوله طرحت السكر فيه دون أن يطرحه، أو الولد يخلق بقوله وطأت الجارية، دون أن يطأها، والزرع ينبت بقوله بذرت البذر، دون أن يبذره. وكما أن هذه المقاصد في الدنيا، لا تنال إلا بأسبابها، فكذلك أمر الآخرة، فإن أمر الآخرة والدنيا واحد، وإنما خص باسم الآخرة لتأخره، والخروج لقضاء العالم آخرة، بالإضافة إلى الكون في بطن الأم، والبلوغ إلى عالم التمييز آخرة بالإضافة إلى ما قبله، والبلوغ إلى رتبة العقلاء آخرة بالإضافة إلى ما قبلها. وإنما هذه تردد في أطوار الخلقة. والموت طور آخر من الأطوار، ونوع آخر في الترقي، وضرب آخر من الولادة، والانتقال من عالم إلى عالم، كما قال عليه السلام: " القبر أمّا حفرة من حُفَر النار أو روضة من رياض الجنة "، أي ليس في الموت إلا تبديل منزل.