النفي؟ أو (?) هل يجوز له (?) أن يعتقد نفي حكم شرعي بلا دليل، في غير موضع المناظرة أيضاً؟
قال بعضهم: لا دليل على معتقد النفي لا في حق نفسه، ولا عن مطالبه لا الخصم عند المناظرة.
وقال عامتهم بأنه لا يجوز أن يعتقد الإنسان نفي حكم إلا بدليل. وعليه إقامة الدليل إذا ناظره (?) غيره ودعاه إلي مذهبه، كما على المثبت.
وقال بعضهم: في العقليات على النافي دليل، دون الشرعيات.
وقال بعضهم: ليس على نافي الشرعيات دليل سمعي: أما عليه دليل وله دليل، وهو العقل في معرفة انتفاء الأحكام الشرعية.
أما من قال: لا دليل على النافي [فقد] احتج بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "البينة على المدعي" - جعل جميع البينات على المدعين، والنافي منكر وليس بمدع (?)، ولأن الأمر المعتاد المعروف في أصول الشرع أن الحجة علي من يدعي أمراً خفياً لا علي من تمسك بالظاهر - ألا ترى أن كل من تمسك بالعام لا يحتاج إلى الدليل على أنه عام، وإنما الدليل على من يدعي الخصوص. وكذا من تمسك بظاهر الكلام لا يحتاج إلى الدليل على أنه حقيقة، وإن كان يحتمل المجاز في الجملة، لأن الظاهر هو الحقيقة، وإنما الدليل على من يدعي المجاز. وكذا البينة على الخارج لا علي صاحب اليد، لأن (?) صاحب اليد تمسك بالظاهر، والخارج يدعي أمراً خفياً، فكذا النافي متمسك