والذين (6-ب) يركبون1 ويعتادونه لا يعدون الماء قاطعا.

والمرجع في ذلك: إلى العرف والعادة.

وهذا كما نقول في حكم السفينة, إنها تجري بركبانها.

ولهذا, جوزنا فيها الفريضة, ولم نجوز في الكتب والعماوية, وكذلك, جعلناها في عدة الوفاة كالمساكن, وكذلك, جعلنا البحر لأهل البحر كالبر لأهل البر.

فأما إذا صلوا على الوجه الذي ذكرناه, والريح عاصفة, بحيث لا يأمنون أن تسبق إحداهما الأخرى: فقد قال الشافعي رضي الله عنه, وأجزأتهم صلاتهم, إذا سلموا عن تقدم المأموم على الإمام, كما إذا صلوا في سفينة واحدة, والمأموم في أسفل السفينة, والإمام فوقها يبصرونه, أو يبصره من يبصره, ومن قد يبصره سمعوا تكبيره أو لم يسمعوا, فقد قال الشافعي: يصح اقتداء الأولين بالإمام, وقد منع مثل هذا في بيوت الدار, وإنما منع ذلك في المساكن, وأجازه في السفينة, لأن السفينة مما فيها من العلو والسفل في العادة بمنزلة البيت الواحد بعضه أخف من بعض, وقد يكون البيت الواحد سريرا وصناديق, فتصح صلاة المأموم على الصندوق أو فيها, بصلاة الإمام خارجا منها, إذا كان جميع ذلك في العرف بناء واحدا.

ومراد الشافعي في هذه المسألة مثل هذه السفينة التي ذكرناها, لأن السفن الكبار المشتملة على الدور والحجر الكثيرة يكون حكمها حكم الأبنية المختلفة.

وقد قال الشافعي رضي الله تعالى عنه: أيضا لو كان الإمام في قعر السفينة وهم على أرجائها, أو الإمام على أرجائها وهم في قعرها, أو بعضهم كذا وبعضهم كذا: فأحب إلي من ذلك إن أمكنهم أن يكونوا مستويين مع الإمام, حيث كان لا أخفض منه ولا أرفع منه, وإن اختلف حاله وحالهم, فارتفاعه عليهم خير من ارتفاعهم عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015