وكان الشيخ أبو بكر القفال1: يختار طريق التقريب, على ما نص عليه في "الإملاء" ويجمع بينه وبين ما ذكر في "المختصر", وأنه لم يرد فيها2 ذكره "المختصر" التأقيت, وإنما أراد التقريب, بدليل التنويع الذي ذكره, وهو قوله: على مائتي ذراع أو ثلثمائة, وليست هذه العبارة من قصد التأقيت والتحديد.

فإن قيل: فمن أين أخذ الشافعي رضي الله عنه هذا وهذا, ولم ما قال ألف ذارع أو ألفي ذراع؟

قلنا: يحتمل أنه أخذ ذلك من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي رواها عبد الله بن عمر في صلاة الخوف أنه صلى الله عليه وسلم صدع الجيش صدعين وتنحى طائفة وصلى بها ركعة, ثم رجعت تلك الطائفة إلى القتال وهي في الصلاة3 على حكم الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومعلوم, أنه صلى الله عليه وسلم قصد بهذا التنحي: وقوع الأمن من أن تنالهم سهام الأعداء وما يرمى به من العبد, ولا يكاد يحصل لهم الأمن إلا أن يتباعد قدر رمية سهم, وهذا القدر: مسافة كاملة لها سهم أو زائدة يحصل بها تمام الأمن.

واستنباط مشايخنا هذا, دليل ظاهر على أنه تقريب لا تحديد.

فصل

إذا وقف صف خلف الإمام في الصحراء, أو وقف صف على ثلاثمائة ذراع من الصف الثاني: فصلاة الجميع صحيحة.

وكذلك, لو تباعد عن يمين الإمام أو عن يساره, فوقف على هذا القدر من المسافة: كانت الصلاة مجزية. والصحراء في ذلك (3-أ) : خلاف الأبنية, لأن الصحراء مشتركة المنافع, وهذه إحدى المنافع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015