اعلم: أن الإمام إذا وقف مع المأموم في الصحراء التي ليست مملوكة, واصطف الناس خلفه, وانقطع بعض الواقفين عن الصف الآخر بمائتي ذراع أو ثلثمائة ذراع: كانت صلاة المنقطع صحيحة, لا خلاف فيها بين أصحابنا.
وإنما اختلفوا: في أن هذا لقدر يشترط على جهة التقريب أو على جهة التحديد: فذهب أبو علي بن خيران1 وأبو علي بن أبي هريرة2 والأكثرون من أصحابنا على طريقة التقريب لا إلى طريقة التحديد, حتى لو زاد على ثلثمائة غير متفاحشة, ما ضرت تلك الزيادة.
وذهب أبو إسحاق المروزي3 إلى طريقة التأقيت.
وأما المروزي, فقد نقل عن الشافعي في هذا اللفظ, وهو: أنه لو كان على نحو مائتي ذراع أو ثلثمائة ذراع: كان جائزا, ثم قال: وقد اختار الشافعي القرب في الأملاك (2-ب) بلا تأقيت, وهذا عندي أولى, لأن التأقيت: لا يدرك إلا بحد.