كَانَت لكلمة خَالِد تِلْكَ أعظم الْأَثر فِي نفوس الْمُسلمين من تحرض القسيسين والرهبان فِي نفوس الرّوم، وَلَئِن ظلّ هَؤُلَاءِ يعبئون تِلْكَ التعبئة الروحية مُدَّة شهر كَامِل، فَإِن نُفُوسهم لم يكن فِيهَا من الْيَقِين وَحسن الثِّقَة فِي وعد الله كَمَا كَانَ فِي نفوس الْمُسلمين، وَلذَلِك أثمرت كلمة خَالِد الَّتِي لم تستغرق دقيقتين مَا لم تثمره مواعظ الرهبان والقسيسين لمُدَّة شهر، لِأَن النُّفُوس المؤمنة بِالْحَقِّ تكون دَائِما مهيأةً لاستقبال التَّوْجِيه وَالْمَوْعِظَة، سريعة التأثر بِمَا يلقى عَلَيْهَا إِذا ذكرت بوعد الله -عز وَجل- حَسَنَة الثِّقَة فِيمَا عِنْده.

على أننا نرى فِي كلمة خَالِد -رَضِي الله عَنهُ- من الْإِخْلَاص والحث عَلَيْهِ، وعظيم الِاعْتِمَاد على الله مَا لَا يُمكن أَن يخيب صَاحبه، زد على ذَلِك بعد نظر خَالِد، وإدراكه لما حوله من أبعاد المعركة وَقدرته العسكرية الَّتِي تجْعَل أَصْحَابه يدينون لَهُ من غير مُنَازع، كل ذَلِك جعلهم يَجْتَمعُونَ على قيادته بعد أَن كَانُوا متساندين لَا يدين أحد لأحد، وَلَا يرى أحد أَن أحدا أَحَق بالأمرة مِنْهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015