كان مسلماً ثم رجع إلى بلاده وارتد ثم عاد إلى بلدٍ إسلامي فهل هو معاهد؟ وكيف نعامله؟

ƒـ[رجل كان يعمل في بلاد إسلامية، وهو مسلم، ثم خرج إلى بلاده، وارتد عن الإسلام، ثم عاد إلى البلاد الإسلامية التي كان يعمل فيها، وهو غير مسلم. السؤال: هل ينطبق عليه إذا عاد ليعمل في البلاد الإسلامية أحكام المرتد، أم إنه ينطبق عليه أحكام المعاهد؟ . أرجو التوضيح، وما هي الطريقة المُثلى للتعامل معه؟ .]ـ

^الحمد لله

أولاً:

من كان مسلماً ثم ارتدَّ عنه إلى الإلحاد: فهو مرتد، لا إشكال في ذلك، ومن ارتد عن الإسلام إلى غيره الأديان لم يُنسب إلى ذلك الدين، ولم يأخذ أحكامه، بل هو مرتد كسابقه، يعامل معاملة المرتدين، يستتاب ليرجع إلى الإسلام، فإن تاب ورجع وإلا قُتل كفراً.

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:

لو ارتد أحدٌ إلى اليهودية، أو النصرانية: لا نقرُّه؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم صلّى الله عليه وآله وسلّم: (مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوه) – رواه البخاري (2854) - يعني: مَن بدَّل دين الإسلام: فإننا نقتله.

" الشرح الممتع على زاد المستقنع " (11 / 306) .

وعليه: فمن كان مسلماً ثم صار نصرانيّاً أو يهوديّاً: لم تحل ذبيحته؛ لأنه ليس كتابيّاً، بل هو مرتد لا تؤكل ذبيحته، وإن كانت امرأة: لم يحل نكاحها؛ للسبب نفسه، وهؤلاء لا يكونون ذميين، ولا معاهِدين، ولا مستأمَنين؛ لأن هذه الأحوال إنما تكون لكافرٍ أصلي، لا لمرتد، فليس أمام المرتد عن الإسلام إلا أن يرجع لدينه، أو يختار القتل كفراً على ذلك.

قال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله -:

والمرتد في الاصطلاح: هو الذي يكفر بعد إسلامه طوعاً، بنطق، أو اعتقاد، أو شك، أو فعل.

والمرتد: له حكم في الدنيا، وحكم في الآخرة:

أما حكمه في الدنيا: فقد بيَّنه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: (مَنْ بدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ) ، وأجمع العلماء على ذلك، وما يتبع ذلك من عزل زوجته عنه، ومنعه من التصرف في ماله قبل قتله.

وأما حكمه في الآخرة: فقد بيَّنه الله تعالى: بقوله (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) .

والردة تحصل بارتكاب ناقض من نواقض الإسلام، سواء كان جادّاً، أو هازلاً، أو مستهزئاً، قال تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) .

" الملخص الفقهي " (2 / 565، 566) .

وانظر جواب السؤال رقم: (20060) ففيه زيادة بيان.

وينبغي التنبه إلى حدَّ الردة – ومثله بقية الحدود – لا يقيمه إلا الخليفة، أو نائبه، بإجماع العلماء، ولا يجوز لآحاد الناس تنفيذ الحدود بأنفسهم.

وقد بينا هذا في أجوبة الأسئلة (107105) و (12461) و (8980) .

ثانياً:

أما بخصوص طريقة التعامل معه: فتكون كغيره من الكفار الذين يُتلطف بدعوتهم للإسلام، متى كنا نرجو منه لخير؛ وليس ثمة حدود تطبق – وللأسف – على المرتدين، فلم يبق أمامكم إلا دعوته بالحسنى، وتذكيره بسالف أيامه يوم كان مسلماً، وأنه لا بدَّ ويشعر بالفرق بين حياته في الإسلام، وحياته خارجه، ويستعان على ذلك بمن يعرف لغته، من بني جلدته، ليكون أفهم له. وللهدية مفعولها الطيب في نفوس الأحرار، فتعاهدوه بهدايا يحتاجها، تصلون من خلالها لقلبه، وإن كان عنده معاملة متعسرة أن تعينوه عليها، وتسهلوا أمر معاشه، فمن شأن ذلك كله أن يجعله يعيد النظر بفعله، ولعله أن يعود الإسلام قبل موته، ويُكتب ذلك في ميزان حسناتكم.

وإذا كانت السلطات في بلدك: لا تسمح بوجود مثل هذا المرتد: فإننا ننبه السلطات إلى حاله، حتى يتم ترحيله إلى بلده، لكن بعد أن نحاول معه، ونسلك طريق الدعوة إلى قلبه: فلعل الله أن يهديه، ويرده إلى دينه.

وهذا كله في المعاملة، أما الحكم: فسبق أنه ليس كالكافر الأصلي، فالمرتد لا يجوز للمسلم أن يرثه، ولا هو يرث مسلماً، والمرتدة لا تُنكح، وإن كان تحت المرتد امرأة مسلمة: فسخ عقد نكاحها، وغير ذلك من الأحكام، فينبغي التفريق بين الأحكام، والمعاملة، ولو كانت تطبق الحدود الشرعية على المرتدين لما احتجنا لهذا كله؛ لأن المرتد – كما سبق – ليس أمامه إلا أن يرجع إلى الإسلام، أو يُقتل في حال إبائه.

والله أعلم

‰الإسلام سؤال وجواب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015