مَنْ سَنَّ سُنَّة سَيِّئَة فعَلَيْهِ مِثْل وِزْر كُلّ مَنْ عمل بِهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة

ƒـ[إذا مات شخص، وترك أفعالا وأشياء سيئة هل تتراكم هذه السيئات؟ بمعنى: إذا كان هناك أب نموذج سيء لأبنائه، وأبناؤه شبوا على نفس سلوكيات أبيهم، فهل هذا الأب يتحمل أوزار أبنائه؟]ـ

^الحمد لله

إذا مات العبد، وقد فعل أفعالا مخالفة للشرع، فاقتدى به فيها غيره من ولد أو صاحب أو جار أو غيرهم: فإن عليه وزر ما فعل، ووزر من فعل فعله مقتديا به فيه، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء؛ لما رواه مسلم (1017) عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ. وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ) .

قال ابن علان:

" (ومن سنّ في الإسلام سنة سيئة) : معصية وإن قلَّت، بأن فعلها فاقتِدي به فيها، أو دعا إليها، أو أعان عليها (كان عليه وزرها) أي: وزر عملها (ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء) " انتهى.

"دليل الفالحين" (2/136) .

وقال الشيخ ابن عثيمين:

"فيه التحذير من السنن السيئة، وأن من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، حتى لو كانت في أول الأمر سهلة ثم توسعت فإن عليه وزر هذا التوسع، مثل لو أن أحدا من الناس رخص لأحد في شيء من المباح الذي يكون ذريعة واضحة إلى المحرم وقريبا، فإنه إذا توسع الأمر بسبب ما أفتى به الناس فإن عليه الوزر، ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة " انتهى.

"شرح رياض الصالحين" (ص 199) .

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا، لِأَنَّهُ كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ) رواه البخاري (3336) ومسلم (1677) .

قال النووي:

"وَهَذَا الْحَدِيث مِنْ قَوَاعِد الْإِسْلَام , وَهُوَ: أَنَّ كُلّ مَنْ اِبْتَدَعَ شَيْئًا مِنْ الشَّرّ كَانَ عَلَيْهِ مِثْل وِزْر كُلّ مَنْ اِقْتَدَى بِهِ فِي ذَلِكَ الْعَمَل إِلَى يَوْم الْقِيَامَة" انتهى.

فالأب الذي أساء تربية أولاده، وكان قدوة سيئة لهم، واقتدوا به في سلوكياته في المنحرفة، يتحمل وزر أولاده، لأنه هو السبب في انحرافهم، وعلى الأولاد أيضاً وزر أفعالهم كاملاً، لا ينتقص منها شيء.

وقد كان الواجب على هذا الأب أن يحسن تربية أولاده، ويقوم بالمسؤولية التي أوجبها الله عليه خير قيام.

وقد قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ... وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) رواه البخاري (7138) ومسلم (1829) .

قال الشيخ ابن عثيمين:

" الرجل راع في أهل بيته، في زوجته، في ابنه، في بنته، في أخته، في عمته، في خالته، كل من في بيته، هو راع في أهل بيته، ومسؤول عن رعيته، يجب عليه أن يرعاهم أحسن رعاية، لأنه مسؤول عنهم " انتهى.

"شرح رياض الصالحين" (ص 337) .

والله أعلم.

‰الإسلام سؤال وجواب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015