ƒـ[ما دور زوج الأم تجاه أبناء زوجته؟ ففي هذه الحالة والد ابنتي ليس مسلماً، ولا يريد الإسلام، فهل يتولى زوجي مسألة تعليم ابنتي، وتربيتها؟ هل يسأله الله كيف رباها؟ وكيف يتعامل زوجي معها وأنا أشعر أنه لا يحبها، ولا يرتاح معها؛ لأن عمرها ثمان سنوات، وهي لم تتلق أي تربية إسلامية من البداية، وبالتالي سلوكها ليس قويماً؟ .]ـ
^الحمد لله
أولاً:
الطفل الصغير، ذكراً كان أم أنثى، يتبع المسلم من أبويه، عند اختلافهما في الدين، وهذا قول جمهور العلماء.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (2/310) :
"إذا اختلف دِين الوالدين، بأن كان أحدهما مسلماً، والآخر كافراً: فإن ولدهما الصغير، أو الكبير الذي بلغ مجنوناً: يكون مسلماً، تبعاً لخيرهما ديناً.
هذا مذهب الحنفية، والشافعية، والحنابلة" انتهى.
وعلى هذا، فابنتك هذه مسلمة، ومسؤولية حضانتها وتربيتها عليك، ولا علاقة لها بأبيها الكافر من حيث الحضانة والتربية.
ثانياً:
أما زوج أمها (زوجك) : فهو محرَّم عليه نكاح تلك الابنة ما دام قد دخل بأمها؛ لأن الابنة ربيبة له، والربيبة من المحرمات في الزواج على الرجل، بشرط أن يكون دخل بأمها، قال تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ ... وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) النساء/23.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"يحرم على الرجل نكاح بنات المرأة المدخول بها، ويعتبر محرَماً لجميع بناتها ما قبل الزواج، وما بعده، قال تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ) إلى قوله: (وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) ، أما إذا لم يكن دخل بها: فليس محرَما لبناتها؛ لقوله تعالى: (فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) " انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (17/346، 347) .
فزوجك محرم لها.. ولكن لا مسئولية تُلقى عليه تجاه تلك الابنة من حيث التربية، والعناية بها، إلا أن يفعل ذلك عن طيب نفسٍ، ومن باب المعاشرة بالمعروف لأمها، وهو ما ننصحه بفعله؛ حتى يكسب الأجر العظيم، والثواب الجزيل، وبخاصة إن علَم مدى حاجتها لذلك المعلِّم، والمربِّي، والموجِّه، وأن أباها ليس أهلا للقيام بهذه المهمة، وأن الأم أضعف من أن تتحمل المسئولية وحدها، وله في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، حيث تزوج بنساء لهن أولاد، فتكفل بتربيتهم، والعناية بهم، وهذا نموذج من ذلك:
عَن عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَال: كُنْتُ غُلَامًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا غُلَامُ، سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ) رواه البخاري (5061) ومسلم (2022) .
وعمرو بن سلمة هو ربيب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ابن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها من أبي سلمة، وكان وُلد في الحبشة حين هاجر والداه هناك.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
"وفي هذا الحديث من الفوائد: أنه يجب على الإنسان أن يؤدِّب أولاده على كيفية الأكل والشرب، وعلى ما ينبغي أن يقول في الأكل والشرب، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في ربيبه، وفي هذا حُسن خُلُق النبي صلى الله عليه وسلم، وتعليمه؛ لأنه لم يزجر هذا الغلام حين جعلت يده تطيش في الصحفة، ولكن علَّمه برفق، وناداه برفق: (يا غلام، سمِّ الله، وكل بيمينك) " انتهى.
"شرح رياض الصالحين" (3/172) .
وليعلم زوجك أن عمر ابنة زوجته لا يزال في أوله، وأنه يمكنه أن ينجح في تنشئتها على الطاعة، والعفاف، من خلال كسب قلبها بالمعاملة الحسنة، وبالهدية، ولطف القول، وإذا حصل الوئام بين الطرفين، وقويت المحبة بينهما: أمكنه أن يؤثِّر عليها بما يقوِّم أخلاقها، ويحسِّن سلوكها، وعليك أنت أيتها الزوجة دور عظيم في تحبيبها لزوجك، وفي تقوية العلاقة بينهما، وتصبير زوجك على تحمل أمرها، وتذكيره بالثواب العظيم في تربيتها، والعناية بها.
ونسأل الله أن يوفقكم لما فيه خيركم، وأن يثبتكم على الهدى، وأن يرزقكم العفاف، والتقى.
والله أعلم
‰الإسلام سؤال وجواب