عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْفَقِيرَ أَبَا الْعِيَالِ» وَعَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَدْخُلُ فُقَرَاءُ أُمَّتِي الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهَا بِخَمْسِمِائَةِ عَامٍ» وَعَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ مُعَافًى فِي جِسْمِهِ آمِنًا فِي سِرْبِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا» وَلَمَّا طَلَبَتْ سَادَاتُ الْعَرَبِ وَأَغْنِيَاؤُهُمْ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُنَحِّيَ عَنْ مَجْلِسِهِ فُقَرَاءَ الصَّحَابَةِ تَرَفُّعًا عَنْ مُجَالَسَتِهِمْ إِذَا جَلَسُوا إِلَيْهِ نَزَلَ قَوْلُهُ - تَعَالَى -: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ) [الْكَهْفِ: 28] يَعْنِي الْفُقَرَاءَ (تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) [الْكَهْفِ: 28] يَعْنِي الْأَغْنِيَاءَ: (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا) وَاسْتَأْذَنَ ابْنُ «أُمِّ مَكْتُومٍ» عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ - تَعَالَى -: (عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى) [عَبَسَ: 1 - 4] يَعْنِي ابْنَ «أُمِّ مَكْتُومٍ» (أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى) [عَبَسَ: 5 وَ 6] يَعْنِي هَذَا الشَّرِيفَ.
وَقَالَ «يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ» : «حُبُّكَ لِلْفُقَرَاءِ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُرْسَلِينَ، وَإِيثَارُكَ مُجَالَسَتَهُمْ مِنْ عَلَامَةِ الصَّالِحِينَ، وَفِرَارُكَ مِنْ صُحْبَتِهِمْ مِنْ عَلَامَةِ الْمُنَافِقِينَ» وَعَنْ علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا: «أَحَبُّ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ - تَعَالَى - الْفَقِيرُ الْقَانِعُ بِرِزْقِهِ الرَّاضِي عَنِ اللَّهِ تَعَالَى» .
اعْلَمْ أَنَّ لِلْفَقِيرِ آدَابًا فِي بَاطِنِهِ وَظَاهِرِهِ وَمُخَالَطَتِهِ وَأَفْعَالِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُرَاعِيَهَا:
فَأَمَّا أَدَبُ بَاطِنِهِ: فَأَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ كَرَاهِيَةٌ لِمَا ابْتَلَاهُ اللَّهُ - تَعَالَى - بِهِ مِنَ الْفَقْرِ، أَعْنِي أَنَّهُ لَا يَكُونُ كَارِهًا فِعْلَ اللَّهِ - تَعَالَى - مِنْ حَيْثُ أَنَّهُ فِعْلُهُ وَإِنْ كَانَ كَارِهًا لِلْفَقْرِ.