وَيُصْعِدُ الْمَاءَ بِالنَّفَسِ إِلَى خَيَاشِيمِهِ وَيَسْتَنْثِرُ مَا فِيهَا، ثُمَّ يَغْرِفُ غَرْفَةً لِوَجْهِهِ فَيَغْسِلُهُ مِنْ مُبْتَدَأِ سَطْحِ الْجَبْهَةِ إِلَى مُنْتَهَى مَا يُقْبِلُ مِنَ الذَّقَنِ فِي الطُّولِ، وَمِنَ الْأُذُنِ إِلَى الْأُذُنِ فِي الْعَرْضِ، وَيُوصِلُ الْمَاءَ إِلَى مَنَابِتِ الشُّعُورِ الْأَرْبَعَةِ «الْحَاجِبَيْنِ وَالشَّارِبَيْنِ وَالْعِذَارَيْنِ وَالْأَهْدَابِ» لِأَنَّهَا خَفِيفَةٌ فِي الْغَالِبِ، وَإِلَى مَنَابِتِ اللِّحْيَةِ الْخَفِيفَةِ، وَأَمَّا الْكَثِيفَةُ فَيُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى ظَاهِرِهَا، وَيُنْدَبُ تَخْلِيلُهَا، وَيُدْخِلُ الْأَصَابِعَ فِي مَحَاجِرِ الْعَيْنَيْنِ وَمَوْضِعِ الرَّمَصِ وَمُجْتَمَعِ الْكُحْلِ وَيُنَقِّيهِمَا، ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَيْهِ إِلَى مَرْفِقَيْهِ ثَلَاثًا وَيُحَرِّكُ الْخَاتَمَ وَيَبْدَأُ بِالْيَمِينِ. ثُمَّ يَسْتَوْعِبُ رَأْسَهُ بِالْمَسْحِ بِأَنْ يَبُلَّ يَدَيْهِ وَيُلْصِقَ رُؤُوسَ أَصَابِعِ يَدِهِ الْيُمْنَى بِالْيُسْرَى وَيَضَعَهُمَا عَلَى مُقَدِّمَةِ الرَّأْسِ وَيُمِرَّهُمَا إِلَى الْقَفَا ثُمَّ يَرُدَّهُمَا إِلَى الْمُقَدِّمَةِ، ثُمَّ يَمْسَحُ أُذُنَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا بِمَاءٍ جَدِيدٍ، ثُمَّ يَمْسَحُ رَقَبَتَهُ بِمَاءٍ جَدِيدٍ، ثُمَّ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَيُخَلِّلُ أَصَابِعَهُمَا. فَإِذَا فَرَغَ رَفَعَ رَأَسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ عِبَادِكِ الصَّالِحِينَ» .
يُكْرَهُ فِي الْوُضُوءِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الثَّلَاثِ وَأَنْ يُسْرِفَ فِي الْمَاءِ. تَوَضَّأَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ثَلَاثًا وَقَالَ: «مَنْ زَادَ فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ» وَقَالَ: «سَيَكُونُ قَوْمٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاءِ وَالطَّهُورِ» وَيُقَالُ: «وَمِنْ وَهْنِ عِلْمِ الرَّجُلِ وُلُوعُهُ بِالْمَاءِ فِي الطَّهُورِ» وَيُكْرَهُ أَنْ يَنْفُضَ الْيَدَ فَيَرُشَّ الْمَاءَ وَأَنْ يُلْطِمَ بِالْمَاءِ لَطْمًا.
مَتَى فَرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ وَأَقْبَلَ عَلَى الصَّلَاةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْطِرَ بِبَالِهِ أَنَّهُ طَهُرَ ظَاهِرُهُ وَهُوَ مَوْضِعُ نَظَرِ الْخَلْقِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحِيَ مِنْ مُنَاجَاةِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ تَطَهُّرِ قَلْبِهِ وَهُوَ مَوْضِعُ نَظَرِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ، وَلْيَتَحَقَّقْ أَنَّ طَهَارَةَ الْقَلْبِ بِالتَّوْبَةِ وَالْخُلُوِّ عَنِ الْأَخْلَاقِ الْمَذْمُومَةِ وَالتَّخَلُّقِ بِالْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ أَوْلَى مِنْ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى طَهَارَةِ الظَّاهِرِ، كَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ مَلِكًا إِلَى بَيْتِهِ فَتَرَكَهُ مَشْحُونًا بِالْقَاذُورَاتِ وَاشْتَغَلَ بِتَجْصِيصٍ ظَاهِرِ الْبَابِ الْبَرَّانِيِّ مِنَ الدَّارِ وَمَا أَجْدَرَهُ بِالتَّعَرُّضِ لِلْمَقْتِ وَالْبَوَارِ.
يَغْسِلُ يَدَيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ يَسْتَنْجِي وَيُزِيلُ مَا عَلَى بَدَنِهِ مِنْ نَجَاسَةٍ إِنْ كَانَتْ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ كَمَا وَصَفْنَا إِلَّا غَسْلَ الْقَدَمَيْنِ فَإِنَّهُ يُؤَخِّرُهُمَا، ثُمَّ يَصُبُّ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ عَلَى شِقِّهِ