ثم يواجه الإنسان موت أحبائه وأقربائه، وأصدقائه وأعدائه، حتى هو بنفسه يشرب من نفس الكأس، ولا يملك لنفسه - فضلاً عن غيره - قدرة التغيير والتبديل، فهو لم يخلق نفسه، ولا يملك أن يتغلب على الموت، فالموت حق شئنا أم أبينا.
إذن فوجود الإنسان على هذا الكوكب الأرضي بدون رغبة منه، ويدعى إلى مصيره بدون أن يستشار في ذلك، ويبقى السؤال الأبدي في محله: من أنا؟ ومن أين جئت؟ وإلى أين المصير؟ فلا بد للإنسان أن يجيب عن هذه الأسئلة، ويمكنه أن يتجاهلها، ولكن تجاهله لا يغير من الواقع شيئاً.
وعلى جواب هذه الأسئلة يتوقف تصور الحضارات ونشأتها، وتطورها، وازدهارها وسقوطها. الفلاسفة في الشرق والغرب، والأديان كلها سماوية أو غير سماوية ترد على هذه التساؤلات، أما جواب الإسلام - بالاختصار - فهو الآتي: الله جل وعلا هو خالق كل شيء.
{ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه} [الأنعام: 102].
{وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم} [الأنعام: 101].
{وكان الله عليماً حكيماً} [النساء: 92].
عبادة الله سبحانه وتعالى
والهدف من خلق الإنسان، هو عبادة الله سبحانه وتعالى وحده، قال الله سبحانه وتعالى: {وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون} [الذاريات: 56].
وقال تعالى: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين} [الأنعام: 162] فلما كان الهدف من خلق البشر هو عبادة الله سبحانه وتعالى وحده، فإن الله سبحانه وتعالى لم يترك الإِنسان ليقرر لنفسه طرق عبادة الله سبحانه وتعالى، بل تفضل الله على عباده فأرسل إلى البشر كافة مبشرين ومنذرين ليهدوهم إلى الصراط المستقيم، فقال جل وعلا: {وإن من أمة إلا خلا فيها