وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النّحل: 14] .
فما أعظمها من آية وما أبينها من دلالة؛ ولهذا يكرر الله سبحانه ذكرها في كتابه كثيرًا.
وعجائب البحر وآياته أعظم وأكثر من أن يحصيها إلا الله سبحانه. وقال تعالى: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ * لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} [الحاقة: 12] .
ومن آياته سبحانه في الأرض خلق الحيوان على اختلاف صفاته وأجناسه، وأشكاله، ومنافعه، وألوانه، وعجائبه المودعة فيه فمنه الماشي على بطنه، ومنه الماشي على رجلين، ومنه الماشي على أربع. ومنه ما جعل سلاحه في رجليه- وهو ذو المخالب- ومنه ما جعل سلاحه المناقير كالنسر والرخم والغراب، ومنه ما سلاحه الأسنان، ومنه ما سلاحه الصياصي وهي القرون يدافع بها عن نفسه من يروم أخذه، ومنه ما أُعطي قوة يدفع بها عن نفسه فلم يحتج إلى سلاح كالأسد، ومنه ما سلاحه في ذرقه وهو نوع من الطير إذا دنا منه من يريد أخذه ذرق عليه فأهلكه، ومنه ما تشبه أعضاؤه جميع أعضاء الحيوان وهو «الزرافة» فرأسها رأس فرس، وعنقها عنق بعير، وأظلافها أظلاف بقرة، وجلدها جلد نمر فهي خلق عجيب ووضع بديع من خلق الله الذي أبدعه آية ودلالة على قدرته وحكمته التي لا يعجزها شيء؛ ليري عباده أنه خالق أصناف الحيوان كلها كما يشاء، وفي أي لون شاء.