ذكر آياته ويبديها، ويأمر عباده بالنظر إليها مرة بعد أخرى، قال تعالى: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [يُونس:
101] .
عباد الله من آيات الله وعجائب مصنوعاته «البحار» المكتنفة لأقطار الأرض، حتى إن المكشوف من الأرض والجبال والمدن بالنسبة إلى الماء كجزيرة صغيرة في بحر عظيم، وبقية الأرض مغمورة بالماء، ولولا إمساك الرب تبارك وتعالى له بقدرته ومشيئته وحَبْسُهُ الماء لطفح على الأرض وعلاها كلها. هذا طبع الماء. ولهذا حار عقلاء الطبيعيين في سبب بروز هذا الجزء من الأرض مع اقتضاء طبيعة الماء للعلو عليه وإن لم يغمره، ولم يجدوا ما يحيلون عليه ذلك إلا الاعتراف بالعناية الأزلية، والحكمة الإلهية، التي اقتضت ذلك ليعيش الحيوان الأرضي في الأرض. وفي مسند الإمام أحمد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما من يوم إلا والبحر يستأذن ربه أن يغرق بني آدم» وهذا أحد الأقوال في قوله - عز وجل -: {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} [الطُّور: 6] وقيل في «المسجور» : إنه الموقد، وهذا هو المعروف في اللغة، ويدل عليه قوله تعالى: {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} [التّكوير: 6] قال علي وابن عباس: أوقدت، فصارت نارًا. ومن قال: يبست وذهب ماؤها فلا يناقض كونها نارًا موقدة. وكذلك من قال: ملئت. فإنها تملأ نارًا، فإن البحر محبوس بقدرة الله، ومملوء ماء، ويذهب ماؤه يوم القيامة، ويصير نارًا (?) .