بسبب انعكاس أشعة الشمس بل جعلها كثيفة غبراء فصلحت أن تكون مستقرًا للحيوان والأنام والنبات.
فلو سألتها: من نوعها هذا التنوع، ومن فوق أجزاءها هذا التفريق، ومن خصص كل قطعة منها بما خصها به، ومن ألقى عليها رواسيها وفتح فيها السبل وأخرج منها الماء والمرعى، ومن أمسكها عن الزوال، ومن بارك فيها وقدر فيها أقواتها، وأنشأ منها ماءها وحيوانها ونباتها، ومن وضع فيها معادنها وجواهرها ومنافعها، ومن هيأها مستقرًا للأنام، ومن يبدأ الخلق ثم يعيده إليها ثم يخرج منها، ومن جعلها ذلولاً غير مستعصية ولا ممتنعة، ومن وطأ مناكبها وذلل مسالكها ووسع مخارجها وشق أنهارها وأنبت أشجارها وأخرج ثمارها، ومن صدعها عن النبات وأودع فيها جميع الأقوات، ومن بسطها وفرشها ومهدها وذللها وطحاها ودحاها وجعل ما عليها زينة لها، ومن الذي يمسكها أن تتحرك فتتزلزل فيسقط ما عليها من بناء ومعلم أو يخسفها بمن عليها فإذا هي تمور.
ومن الذي أنشأ منها النوع الإنساني الذي هو أبدع المخلوقات وأحسن المصنوعات؛ بل أنشأ منها آدم ونوحًا وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدًا - صلى الله عليه وسلم - وعليهم أجمعين، وأنشأ منها أولياءه وأحباءه وعباده الصالحين، ومن جعلها حافظة لما استودع فيها من المياه والأرزاق والمعادن والحيوان، ومن جعل بينها وبين الشمس والقمر هذا المقدار من المسافة؛ فلو زادت على ذلك لضعف تأثرها بحرارة الشمس ونور القمر فتعطلت المنفعة الواصلة إلى الحيوان والنبات بسبب ذلك، ولو زادت في القرب لاشتدت الحرارة والسخونة- كما