رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن في الجنة لمجتمعًا للحور العين يرفعن بأصوات لم تسمع الخلائق بمثلها، يقلن: نحن الخالدات فلا نبيد، ونحن الناعمات فلا نبأس، ونحن الراضيات فلا نسخط، طوبى لمن كان لنا وكنا له» وروى ابن المبارك عن يحيى بن أبي كثير: «إن الحور العين يتلقين أزواجهن عند أبواب الجنة فيقلن: طال ما انتظرناكم، فنحن الراضيات فلا نسخط، والمقيمات فلا نضعن، والخالدات فلا نموت، بأحسن أصوات سمعت. وتقول: أنت حبي وأنا حبك، ليس دونك مَقْصَرْ، ولا وراءك معدل» ، وفي حديث أبي أمامة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من عبد يدخل الجنة إلا ويجلس عند رأسه وعند رجليه ثنتان من الحور العين يغنيانه بأحسن صوت سمعته الإنس والجن، وليس بمزامير الشيطان» ، وروى ابن أبي الدنيا بسنده، عن محمد بن المنكدر، قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الذين كانوا ينزهون أسماعهم وأنفسهم عن مجالس اللهو ومزامير الشيطان، أسكنوهم رياض المسك، ثم يقول للملائكة: أسمعوهم تمجيدي وتحميدي.
ولهم سماع أعلى من هذا يضمحل دونه كل سماع وذلك حين يسمعون كلام الرب جل جلاله، وخطابه، وسلامه عليهم، ومحاضرته لهم، ويقرأ عليهم كلامه، فإذا سمعوه منه فكأنهم لم يسمعوه من قبل.
وأهل الجنة يتزاورون فيها ويستزير بعضهم بعضًا، وبذلك تتم لذتهم وسرورهم؛ ولهذا قال حارثة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وقد سأله: «كيف أصبحت يا حارثة؟» قال: أصبحت مؤمنًا حقًا. قال: «إن لكل قول حقيقة، فما حقيقة إيمانك؟» قال: عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت