يختصم الروح والجسد، فيقول الجسد: إنما كنت ميتًا لا أعقل ولا أسمع ولا أبصر، وأنتِ كنت السميعة المبصرة العاقلة، وكنتِ تصرفينني حيث أردت. فتقول الروح: وأنت الذي فعلت، وباشرت المعصية، وبطشت. فيرسل الله إليهما ملكًا يحكم بينهما فيقول: مثلكما مثل بصير مقعد، وأعمى صحيح دخلا بستانًا، فقال المقعد: أنا أرى الثمار ولا أستطيع أن أقوم إليها، وقال الأعمى: أنا أستطيع القيام، ولكن لا أرى شيئًا، فقال المقعد: احملني حتى أتناول لي ولك ففعلا، فعلى من تكون العقوبة؟ فيقولان: عليهما. فيقول: فذلك أنتما. فيحكم الله سبحانه بين عباده بحكمه الذي يحمده عليه جميع أهل السموات والأرض وكل بر وفاجر ومؤمن وكافر. ثم ينادي مناد: لتتبع كل أمة ما كانت تعبد. فيذهب أهل الأوثان مع أوثانهم، وأهل الصليب من صليبهم، وكل مشرك مع إلهه الذي كان يعبد لا يستطيع التخلف عنه فيتساقطون في النار. ويبقى الموحدون، فيقال لهم: ألا تنطلقون حيث انطلق الناس؟ فيقولون: فارقنا الناس أحوج ما كنا إليهم،
وإن لنا ربًا ننتظره، فيقال: وهل بينكم وبينه علامة تعرفونه بها؟ فيقولون نعم: إنه لا مثل له، فيتجلى لهم سبحانه في غير الصورة التي يعرفونه، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا
مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه، فيتجلى لهم سبحانه في صورته التي رويء فيها أول مرة ضاحكًا، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعم أنت ربنا، ويخرون لله سجدًا ألا من كان لا يصلي في الدنيا أو يصلي رياء فإنه يحال بينه وبين السجود. ثم ينطلق سبحانه
ويتبعونه، ويضرب الجسر على وسط جهنم، ويساق الخلق عليه، وهو دحض مزلة، مظلم لا يمكن عبوره إلا بنور. فإذا انتهوا