وغير ذلك من الأحاديث. والقرآن قد دل على الخبر بوقوعها قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ} [النُّور: 55] وأمر بطاعته في قوله: {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} [الفَتْح: 116] وأرشد الأمة إلى ذلك فقال: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [الليل: 17- 20] .
فاتقوا الله عباد الله وانظروا إلى استخلاف النبي لأبي بكر في هذه الأحاديث وشواهدها من الآيات القرآنية، ثم وقوع البيعة من المؤمنين له عن طواعية واختيار، لا عن إكراه ولا بذل مال، وظهور مصداق قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» ثم هو قد زهد في الخلافة عرضها على عمر وأبي عبيدة فأبيا، ثم ما كان في خلافته من ثبات الناس على الدين، وانتشاره وقمع المرتدين، ثم إنه اكتفى بدرهمين يتقاضاهما كل يوم حين اشتغل بالخلافة عن التكسب لنفسه وعياله.
فهذا مسلك أهل السنة والجماعة في فضله، واعتباره الخليفة الأول بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو المسلك السديد، والقول الرشيد، سأل هارون الرشيد مالك بن أنس رحمه الله: ما منزلة أبي بكر وعمر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: أفي شك أنت يا أمير المؤمنين؟ منزلتهما منه في حياته كمنزلتهما منه بعد وفاته قبرا معه. فقال: شفيتني يا مالك، شفيتني يا مالك. اللهم ارض عن أبي بكر وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين.