الخطبة الثانية
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. من يطع الله ورسوله فقد رشد، من يعص الله ورسوله فقد غوى، ومن غوى فلن يضر إلا نفسه ولن يضر الله شيئًا.
أما بعد: فيا عباد الله سأل رجل الحسن البصري فقال: يا أبا سعيد كيف نصنع بمجالسة قوم يخوفونا حتى تكاد قلوبنا تنقطع؟ فقال: والله لأن تصحب أقوامًا يخوفونك حتى تدرك أمنًا خير لك من أن تصحب أقوامًا يؤمنونك حتى تلحقك المخاوف.
وقد وصف الله أهل السعادة بالإحسان مع الخوف، ووصف الأشقياء بالإساءة مع الأمن.
ومن تأمل أحوال الصحابة - رضي الله عنهم - وجدهم في غاية الجد في العمل مع غاية الخوف، ونحن جمعنا بين التقصير بل التفريط والأمن. ذكر الإمام أحمد: أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان يمسك بلسانه، ويقول: هذا الذي أوردني الموارد. وأتى بطائر فأخذ يقلبه ثم قال: ما صيد من صيد ولا قطعت من شجرة إلا بما ضعيت من التسبيح. وقرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه «سورة الطور» إلى أن بلغ قوله: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ} [الطور: 7] .
فبكى واشتد بكاؤه حتى مرض وعادوه. وقال لابنه