عن أبي هريرة. وفي الصحيحين عنه - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة» فبدأ - صلى الله عليه وسلم - بالأكثر وقوعًا، ثم بالذي يليه. فالزنا أكثر وقوعًا من قتل النفس، وقتل النفس أكثر وقوعًا من الردة نعوذ بالله منها.
ومفسدة الزنا مناقضة لصلاح العالم، فإن المرأة إذا زنت أدخلت العار على أهلها وزوجها وأقاربها ونكست رءوسهم بين الناس. وإن حملت من الزنا فإن قتلت ولدها جمعت بين الزنا وقتل النفس، وإن أبقته حملته على الزوج فأدخلت على أهلها وأهله أجنبيًا ليس منهم فورثهم وليس منهم، وخلا بهم، وانتسب إليهم وليس منهم، إلى غير ذلك من مفاسد زناها. وأما زنا الرجل فإنه يوجب اختلاط الأنساب أيضًا، وإفساد المرأة المصونة وتعريضها للتلف والفساد؛ ففي هذه الكبيرة خراب الدنيا والدين، ومن خاصيته. أنه يوجب الفقر، ويقصر العمر، ويكسو صاحبه سواد الوجه، وثوب المقت بين الناس. ومن خاصيته أيضًا أنه يشتت القلب ويمرضه إن لم يمته، ويجلب الهم والحزن والخوف، ويباعد صاحبه من الملك ويقربه من الشيطان؛ ولهذا شرع فيه القتل على أبشع الوجوه وأفحشها وأصعبها. ولو بلغ الرجل أن امرأته أو حرمته قتلت كان أسهل عليه من أن يبلغه أنها زنت. قال سعد بن عبادة رضي الله عنه: لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح. فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أتعجبون من غيرة سعد! والله لأنا أغير منه، والله أغير مني، ومن أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن» .