وفي رواية للترمذي: قال للرسول - صلى الله عليه وسلم -: لويت عنق ابن عمك. قال عليه الصلاة والسلام: «رأيت شابًا وشابة فلم آمن عليهما الفتنة» ، وهذا منع وإنكار بالفعل، وتعليل لهذا الإنكار بخوف الفتنة عليهما لو أقرهما عليه.
وفي الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الله - عز وجل - كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة؛ فالعين تزني وزناها النظر، واللسان يزني وزناه النطق، والرجل تزني وزناها الخطى، واليد تزني وزناها البطش، والقلب يهوى ويتمنى، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه» . فبدأ بزنا العين لأنه أصل زنا اليد، والرجل، والقلب، والفرج. ونبه على زنا اللسان بالكلام على زنا الفم بالقُبل، وجعل الفرج مصدقًا لذلك إن حقق الفعل أو مكذبًا له إن لم يحققه. وهذا الحديث من أبين الأِشياء على أن العين تعصي بالنظر، وإن ذلك زناها. ففيه رد على من أباح النظر مطلقًا. وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «يا علي: لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الثانية» . فالنظر يؤثر في القلب فأمره بمداواته بصرف النظر لا بتكراره. وقال جرير بن عبد الله رضي الله عنهما: «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نظرة الفجأة فأمرني أن أصرف بصري» رواه مسلم وأبو داود والترمذي. ونظرة الفجأة هي النظرة الأولى التي تقع بغير قصد من الناظر، فما لم يتعمده القلب لا يعاقب عليه. فإذا نظر الثانية تعمدًا أثم، فأمره عند نظرة الفجأة أن يصرف بصره ولا يستديم النظر. ففتنة النظر أصل كل فتنة، كما ثبت في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء» وفي صحيح مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «اتقوا الدنيا واتقوا النساء» .