الخطبة الثانية
الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يسر كلًا لما خلق له، وربك أعلم وأحكم.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله سيد الخلق أجمع، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم على الأثر.
أما بعد: فيا عباد الله حاجة العباد إلى معرفة ربهم وفاطرهم ومعبودهم جل جلاله فوق مراتب الحاجات كلها؛ فإنه لا سعادة لهم ولا فلاح ولا صلاح ولا نعيم إلا بأن يعرفوه ويعبدوه، ويكون هو وحده غاية مطلوبهم ونهاية مرادهم، وذكره والتقرب إليه قرة عيونهم وحياة قلوبهم. فمتى فقدوا ذلك كانوا أسوأ حالًا من الأنعام بكثير، وكانت الأنعام أطيب عيشًا منهم في العاجل وأسلم عاقبة في الآجل.
ثم إن الله جل جلاله كما يسر على الإنسان طرق المعرفة بربه تبارك وتعالى فقد يسر عليه معرفة ما يجب عليه من «أفعاله التكليفية» بيَّن بكلامه وكلام رسوله جميع ما أمر الله به، وجميع ما نهى عنه، وجميع ما أحله، وجميع ما حرمه، وجميع ما عفا عنه.